طالب العراق في شكل رسمي ايران بالانسحاب من أراضيه والعودة إلى مقارها ما قبل اندلاع أزمة حقل «الفكة»، فيما ربطت مصادر قريبة من رئيس الوزراء نوري المالكي بين «اجتماع لجنة الخبراء والفنيين المزمع عقده مطلع الشهر الجاري، وانسحاب القوات الإيرانية في شكل كامل من الأراضي العراقية». كما انطلقت تظاهرات في عدد من مدن جنوب العراق ردد بعضها شعارات معادية لإيران من قبيل «كلا لإيران... احنا وياكم مو اخوان». وأعلنت وزارة الخارجية العراقية أول من أمس في بيان أن «وكيل وزارة الخارجية محمد الحاج حمود سلّم مذكرة احتجاج للقائم بالأعمال الإيراني في العراق كاظم كروتن في شأن عدم الانسحاب الكامل للقوات الإيرانية من الأراضي العراقية». وأشار البيان إلى أن «حمود أبلغ القائم بالأعمال الإيراني بضرورة انسحاب قوات بلاده من منطقة بئر الفكة النفطي رقم 4»، مبيناً أن «ذلك سيسهم في عودة العلاقة الطيبة بين البلدين وتفعيل أعمال اللجان الفنية في شأن ترسيم الحدود». وكانت قوات ايرانية دخلت الى الأراضي العراقية واحتلت حقل الفكة النفطي التابع لمحافظة ميسان في 18 الشهر الجاري، وأنزلت العلم العراقي ورفعت العلم الإيراني فوق البئر رقم 4 من الحقل. لكنها ما لبثت أن انسحبت من البئر وأنزلت العلم الإيراني وظلت متوغلة داخل الأراضي العراقية بحوالى 50 إلى 60 متراً. كما اعتبر القيادي في «ائتلاف دولة القانون» وعضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية النائب عباس البياتي أن «استمرار احتلال ايران للأراضي العراقية يعقد الأمور، ويعطي كل الذرائع لبعض الجهات بأن تستغلها سياسياً ضد الحكومة، ولا سيما أن البلاد تتجه نحو انتخابات برلمانية مصيرية». وقال البياتي وهو قريب من المالكي ل «الحياة» إن «مذكرة وزارة الخارجية تطالب الجانب الإيراني بالانسحاب وإعادة قواته الى أماكنها قبل 17 الشهر الماضي»، مبيناً أن «الانسحاب سيمكن اللجان الفنية للبلدين من الاجتماع لوضع الدعامات الحدودية». وأضاف أن «اللجان الفنية سيكون اجتماعها الأول في بغداد، وستعتمد اتفاق عام 1913 بين طهران وبغداد وبقية الاتفاقات المتأخرة»، لافتاً الى أن «إعادة العمل باتفاقية الجزائر يحتاج الى موافقة أربعة أطراف هي العراق وايرانوالجزائروالأممالمتحدة»، لكنه استدرك قائلاً إن «هناك جوانب نتحفظ عنها في هذه الاتفاقية لكن إلغاءها غير ممكن من طرف واحد لأنها مودوعة في الأممالمتحدة». وأوضح أن «العراق يريد اتباع الطرق الديبلوماسية في حل مشكلة الحدود البرية والمائية مع ايران والكويت». الى ذلك، أكد عضو مجلس محافظة ميسان ميثم لفتة «استمرار تجاوزات القوات الإيرانية على الأراضي العراقية وعدم انسحابها منها». وقال في بيان أصدره إنه «بدلاً من إرسال وفد عراقي للحدود فوجئنا بوجود طائرة ايرانية تجوبها». وكانت طائرة مروحية ايرانية حطت قرب البئر رقم 4 الأسبوع الماضي وأطلقت النار باتجاه القوات العراقية من دون وقوع إصابات. وطالب لفتة الحكومة المركزية ب «المطالبة الحقيقية بكل ثروات العراق المظلوم»، داعياً ايران الى «الالتزام بحقوق الجوار والمواثيق الدولية». وكان احتلال ايران للأراضي العراقية أثار عاصفة احتجاجات شعبية غير مسبوقة إذ تواصلت التظاهرات والمسيرات في المحافظات الشيعية الجنوبية حيث خرج حوالى ثلاثة آلاف متظاهر أول من أمس في محافظة الديوانية. وردد المتظاهرون شعارات غير مسبوقة من قبيل «كلا كلا يا ايران، احنا واياكم مو اخوان»، وتعني باللهجة العامية «بأننا لسنا اخوان». واستعار متظاهرون في بغداد شعارات الحرب العراقية - الإيرانية مثل «ودونة للجبهة نقاتل»، أي «خذونا الى الجبهة للقتال». وتؤشر هذه التظاهرات الى حال من التذمر لدى الشيعة العراقيين من التدخلات الإيرانية المستمرة في الشؤون الداخلية للعراق. وتعتقد أوساط سياسية بأن «الاحتلال الإيراني الأخير أوصل الأمور الى حد العداوة والمطالبة باستخدام القوة ضد ايران من الشيعة الذين كانت تراهن عليهم طهران بسبب الاشتراك بالعقيدة والمذهب»، مشيرين إلى أن «أصدقاء ايران من الأحزاب الشيعية يشعرون بالحرج الشديد، وظهر تذمرهم الى العلن ولا سيما أنهم يرون الاندفاع الشعبي ضد ايران والاتهامات التي توجه الى الأحزاب العراقية المرتبطة بها بأنها تنفذ أجندات ايرانية وتفضل مصالح طهران على مصالح بغداد».