أعلنت وزارة العمل السعودية أمس حزمة قرارات وتنظيمات جديدة بهدف تحسين وتطوير سوق العمالة المنزلية، التي تشهد أزمة كبيرة بسبب تأخر وصول العمالة المنزلية والارتفاع المبالغ في تكاليف الاستقدام، وضعت سقفاً أعلى لاستقدام العمالة المنزلية البنغلاديشية لا يتجاوز 7 آلاف ريال، كما أقرت غرامة بواقع 100 ريال عن كل يوم تأخير، فيما رأى متخصصان في الاستقدام أن القرارات جيدة، ولكنها ليست كافية، ولن تعالج مشكلة الاستقدام. وبحسب وزارة العمل، فإن القرارات الجديدة «شملت ضبط تكاليف ومدد الاستقدام وتنظيم المبالغ المالية التي يدفعها المواطن، وتنشيط دور الشركات والمكاتب، وتحسين أداء السوق، وتنويع الخيارات لزيادة التنافسية، وتفعيل دور المكاتب الخارجية للحد من تأخر العمالة، وتنفيذ الالتزامات التي نصت عليها الاتفاقات الموقعة مع الدول»، معربة عن اعتقادها بأن هذه القرارات ستسهم في تجاوز تحديات سوق العمالة المنزلية عموماً والعمالة المنزلية النسائية خصوصاً، وتعزز حماية حقوق جميع الأطراف. وأوضحت وزارة العمل في بيان أصدرته أمس، أنه تم تكوين فريق مُتخصص لدرس ومراجعة تكاليف استقدام العمالة المنزلية ومقارنتها بما هو معمول به في دول مجلس التعاون الخليجي، وبناءً على مخرجات دراسة هذا الفريق وما تقتضي به المصلحة العامة لضبط تكاليف الاستقدام، فإنها قررت تحديد سقف أعلى لتكاليف استقدام العمالة المنزلية من بنغلاديشوالنيجر تتبعها دول أخرى بعد إتمام الدراسة المتعلقة بهذا الموضوع. وحددت الوزارة «السقف الأعلى لتكاليف الاستقدام من بنغلاديشوالنيجر بما لا يتجاوز سبعة آلاف ريال، وأجر العاملة المنزلية البنغلاديشية الشهري بما لا يتجاوز 800 ريال، وأجر العاملة المنزلية من النيجر بما لا يتجاوز 750 ريالاً». ووجهت الوزارة جميع شركات ومكاتب الاستقدام بالعمل بموجب هذه التكاليف والالتزام بها اعتباراً من يوم الأحد المقبل، مشيرة إلى أن الفريق سيستكمل درس تحديد تكاليف استقدام العمالة المنزلية من بقية الدول التي تم توقيع اتفاقات ثنائية معها وهي الفيليبين والهند وسيريلانكا وفيتنام تمهيدا لإقرارها والعمل بموجبها. 60 يوماً مدة الاستقدام حددت وزارة العمل مدة استقدام العمالة المنزلية ب60 يوماً كسقف زمني أعلى لمدة الاستقدام، كما تم منع شركات ومكاتب الاستقدام من تحصيل كامل مبلغ العقد عند التوقيع، على ألا تتجاوز الدفعة الأولى أكثر من 25 في المئة من قيمة العقد، ويتم دفع القيمة المتبقية للشركة أو المكتب عند إشعار المستفيد كتابة بالسداد مع ما يفيد التأشير على جواز سفر العامل أو العاملة من السفارة السعودية في البلد المُرسل للعمالة. وعلى صعيد الغرامات، أقرت الوزارة قيمة جديدة للغرامات المالية في حال تأخر وصول العامل أو العامل البديل عن 60 يوماً لتصبح 100 ريال عن كل يوم تأخير، وبحد أقصى لا يتجاوز ثلاثة آلاف ريال، مبينة أنه في حال تجاوزت مدة تأخر وصول العامل أو العامل البديل 30 يوماً عن المدة المتفق عليها يعتبر العقد لاغياً تلقائياً، وعلى الشركة أو المكتب إعادة كل التكاليف التي تم دفعها». وشددت على أن هذا الإجراء سيحد من جمع أموال المواطنين ثم الانتظار لحين اكتمال الطلبات والسفر لاحقاً للبلد المُرسل للبحث عن طلب المواطن وإتمام إجراءات الاستقدام، مؤكدة أن هذا الإجراء سيجعل الشركات تبدأ العمل من الدول المُرسلة للعمالة بتوفير الأيدي العاملة قبل توقيع العقود مع المواطنين داخل المملكة وجمع تأشيراتهم. وأشارت وزارة العمل إلى أنها لاحظت تركيز شركات الاستقدام على استقدام العمالة التجارية، وهو ما أسهم في تقليل الاستجابة لطلبات العمالة المنزلية، ورغبة من الوزارة في أن تعمل هذه الشركات للهدف الذي تم إنشاؤها من أجله وهو تلبية الطلب للراغبين في استقدام العمالة المنزلية عموماً والنسائية خصوصاً. وقررت الوزارة إلزام شركات الاستقدام بالتوسط في استقدام الأيدي العاملة للغير وفقاً للترخيص الممنوح لها، وبما لا يتجاوز تكاليف الاستقدام المقرة من الوزارة، وتوفير عمالة منزلية داخل المملكة، سواءً عن طريق تقديم الخدمات العمالية المنزلية، أم عن طريق التوسط في استقدام العمالة المنزلية، وذلك بنسبة لا تقل عن 20 في المئة سنوياً من مجموع عمالة الشركة المخصصة لتقديم الخدمات العمالية، على ألا تقل نسبة العمالة المنزلية النسائية منها عن 50 في المئة. ونبهت الوزارة إلى أنه تم إقرار عدد من الإجراءات التي يتم التعامل بها مع أي شركة استقدام لا تلتزم بتحقيق النسب المقررة، إذ سيتم إيقاف منح أية تأشيرات جديدة لها، وإيقاف جميع التأشيرات الصادرة لها التي لم يتم استعمالها، عدا تأشيرات العمالة المنزلية النسائية، إضافة إلى إيقاف تجديد رخص العمل الخاصة بعمالة الشركة الوافدين عموماً، عدا رخص العمالة المخصصة لتقديم الخدمات العمالية المنزلية، وكل ذلك في حال عدم التزامها بالنسبة المقررة لها لاستقدام العمالة المنزلية. وعن موعد بدء تطبيق هذه العقوبات، أكدت الوزارة أنها ستكون سارية ابتداءً من الأول من شوال من العام الحالي. وذكرت الوزارة أنها لاحظت أن أحد أسباب تأخر استقدام عاملات منزليات من الدول التي تم الاتفاق معها في ظل ارتفاع حجم الطلب من المواطنين أنّ اهتمام تلك المكاتب مُنصب على إرسال العمالة الرجالية، سواءً المنزلية أم التجارية. وبينت أنها قامت بالتعاون مع وزارة الخارجية والسفارات السعودية في دول الإرسال بإلزام مكاتب إرسال العمالة داخل هذه الدول بتوفير ما لا يقل عن 25 في المئة عمالة منزلية نسائية من إجمالي العمالة التي تقوم بإرسالها إلى المملكة بداية من الأول من شهر حزيران (يونيو) المقبل، في خطوة تُعد الأهم لتنشيط حراك إرسال العمالة المنزلية النسائية إلى السعودية. منح تراخيص جديدة لمكاتب الاستقدام أعلنت الوزارة أمس، منح تراخيص جديدة لمكاتب استقدام لنشاط التوسط في استقدام العمالة المنزلية فقط، بهدف تحسين أداء سوق العمالة المنزلية وتوسيع الخيارات أمام المواطن، وتقديم الخدمات وفق معايير سعرية وخدمية محددة، وزيادة التنافسية في سوق العمالة المنزلية لضمان تطوير حراك السوق وضبطها، بما يلبي الطلب المتزايد على العمالة المنزلية النسائية. واشترطت الوزارة أن يكون طالب الترخيص سعودياً يحمل المؤهل الجامعي، وألا يقل عمره عن 30 عاماً، وأن يكون متفرغاً لإدارة المكتب بنفسه، وأن يقدم خطة عمل وفق القواعد التي تضعها الوزارة، وألا يكون سبق الحكم عليه في جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة أو أي من المخالفات المتعلقة نظام العمل أو الأحكام المنظمة لحماية الطفولة أو مكافحة الاتجار بالبشر والعمل الجبري أو تنظيم دخول وإقامة الوافدين في المملكة، وألا يكون سبق له الحصول على ترخيص بمزاولة أي نشاط من الأنشطة الواردة في لائحة شركات الاستقدام وتنظيم استقدام الأيدي العاملة للغير وتقديم الخدمات العمالية استناداً لتلك اللائحة أو أي نظام او لائحة أخرى. وقالت الوزارة إنها ستقوم بعد أن تتحقق من توافر هذه الشروط في من يرغب باستصدار رخصة مكتب استقدام بإصدار موافقة مبدئية (لا تقل عن 30 يوم عمل) لمراجعة الجهات المختصة للحصول على سجل تجاري، ورخصة بلدية لمقر المكتب في المدينة التي يرغب فيها، بحيث لا تقل مساحته عن 100 متر مربع، على أن يتم تقديم ضمان بنكي بمبلغ 450 ألف ريال ساري المفعول مدة الترخيص التي تم تحديدها بعامين قابلين للتجديد، ويجب أنْ يباشر المرخص له مزاولة النشاط خلال 60 يوماً من تاريخ منحه الموافقة النهائية وحصوله على الترخيص، وسيتم استقبال الطلبات ابتداءً من منتصف شهر شعبان الحالي وفق آلية سيتم الإعلان عنها. وأكد وكيل وزارة العمل للشؤون الدولية الدكتور أحمد الفهيد ومن خلال وفد الوزارة الذي يترأسه ويزور حالياً عدداً من الدول المرسلة للعمالة، أن الوزارة اتفقت مع ممثلي الحكومات والجهات الرسمية ذات العلاقة بالعمل والقوى البشرية والمغتربين في الدول المرسلة للعمالة المنزلية في الهندوبنغلاديش على وضع حلول للحد من تأخر وصول العمالة المنزلية إلى المملكة، وذلك بزيادة عدد مكاتب الإرسال المعتمدة، وتقليص مدة الإجراءات الإدارية والفنية مما هي عليه في الوضع الحالي بما لا يخل باشتراطات التدريب والمهنية. وشدد الفهيد على أن وزارة العمل أخذت زمام المبادرة لتذليل الصعوبات التي تحول دون استقدام العمالة المنزلية النسائية في الدول المُرسلة لتتكامل الحلول التي من شأنها تغيير خريطة العمالة المنزلية. ودعت وزارة العمل في بيانها مجدداً كل المستفيدين إلى الإبلاغ عن المخالفات أو المشكلات التي تواجههم في الاستقدام من خلال القنوات الرسمية لتقديم البلاغات، إذ يتاح للمتضرر أن يتقدم بالشكوى إلكترونياً عن طريق موقع «مساند» www.musaned.gov.sa، أو عن طريق البريد الإلكتروني [email protected] أو عبر مركز الاتصال لخدمة العملاء 19911، أو من خلال فروع مكاتب العمل في جميع مناطق المملكة. متخصص: قرارات غير صائبة ولم تعالج المشكلة وصف المتخصص في مجال الاستقدام فيصل القثامي في حديثه ل«الحياة» قرارات وزارة العمل بأنها «غير صائبة، ولن تعالج مشكلة الاستقدام لدينا، بل إنها ستفاقم المشكلة، لاسيما أنها ستكبد المكاتب المزيد من الخسائر». ولفت إلى أن سوق الاستقدام مثل بقية الأسواق التجارية تنطبق عليها قاعدتا العرض والطلب في ما يخص الأسعار، مشيراً إلى أن رفع الغرامات التي تدفعها المكاتب سيؤدي إلى خروج عدد من المكاتب العاملة في السوق، خصوصاً أن غالبية مكاتب الاستقدام كانت تسجل خسائر بعد العقد الموحد الذي طبق عليها. ودعا القثامي وزارة العمل إلى إعادة النظر في ما يخص قراراتها، وأن تضع شروطاً وأنظمة صارمة لضمان حقوق المواطن والعامل وصاحب مكتب الاستقدام. مطالبة بمراجعة اتفاقات الاستقدام ومعالجة ثغراتها قال صاحب أحد مكاتب الاستقدام حماد العنيق، إن المكاتب العاملة في السوق السعودية يبلغ عددها 338 مكتب استقدام و21 شركة، مبيناً أن المشكلة العميقة تكمن في دول المصدر، وليست في قلة المكاتب أو ضعف المنافسة، معتبراً أن القرارات في مضمونها جيدة، ولكنها تحتاج لقرارات إضافية تنظم وترتب آليات العمل والتفاوض مع الدور المصدرة للعمالة. وأبان العنيق في حديثه ل«الحياة» أن وزارة العمل بحاجة إلى تشكيل فريق متخصص بقيادتها ومن الجهات ذات العلاقة لمراجعة كل الاتفاقات السابقة مع الدول المصدرة للعمالة والثغرات التي توجد بها والتي تعتبر «لي ذراع من الدول المصدرة للعمالة، خصوصاً أن تصدير عمالتها يعد أحد أهم مداخيلها القومية، ولذلك هي بحاجة للدول المستقطبة أكثر وهو ما يمنح المفاوض السعودي قوة أكبر». وأشار إلى أن عدد العمالة المستقطبة قليل جداً بسبب تلاعب الوسطاء في تلك الدول ومحاصرة المكاتب السعودية وتقييد أعمالها هناك، ما نتج منه تجفيف للسوق ورفع الأسعار من تلك المكاتب المتكتلة أو المتواطئة، إضافة إلى عمليات احتكار واضحة، داعياً الوزارة إلى ملاحظة هذه الأمور وبترهها بمفاهمات جديدة مع تلك الدول. وأكد العنيق أن السوق بحاجة إلى آليات واضحة تحدد صفة العمل بين العامل وصاحب العمل، وما هي الجهات التي تنظم العملية القانونية وآلية التعامل مع الجهات القانونية في سفارات العمالة في المملكة.