في موازاة مساعي وزيرة القضاء الإسرائيلية الجديدة أييلت شاكيد من حزب المستوطنين «البيت اليهودي» لإحكام قبضتها على الجهاز القضائي بداعي تدخله في عمل السلطتين التشريعية والتنفيذية، يسعى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، من خلال احتفاظه بحقيبة الاتصالات لنفسه، إلى تشديد قبضته على سوق الإعلام وتعزيز سيطرته على سوق الاستهلاك الإعلامي ليضمن الانصياع السياسي له، وهو ما دفع أحد النواب من المعارضة إلى مطالبة المستشار القضائي للحكومة يهودا فاينشاين بإلغاء قرار نتانياهو الاحتفاظ لنفسه بحقيبة الاتصالات. وكان نتانياهو فاجأ وزراء «ليكود» بإبقاء حقيبتي الخارجية والاتصالات بيده، لكن بينما وزع صلاحيات وزير الخارجية على عدد من الوزراء، احتفظ لنفسه بكامل صلاحيات وزير الاتصالات. ويعتبر مراقبون أن نتانياهو الذي لم يتردد خلال المعركة الانتخابية الأخيرة في اتهام صاحب صحيفة «يديعوت أحرونوت» الأكثر نفوذاً في الرأي العام نوني موزس بأنه يخطط لإسقاطه وإسقاط «ليكود» من الحكم، كما لم يتردد في مقاطعة القناة العاشرة في التلفزيون الإسرائيلي بداعي أن أحد ابرز المعلقين فيها (رفيف دروكر) يناصبه وزوجته العداء، يرى أن الفرصة مواتية للثأر من هاتين الوسيلتين. ويرى مراقبون أن نتانياهو سيسعى خلال ولايته الحالية إلى إحكام سيطرته على سوق الإعلام، مستهدفاً عدداً من وسائل الإعلام الرئيسة، آملاً بأن تقوم هذه بدور البوق الإعلامي الذي تلعبه صحيفة «إسرائيل اليوم» لمالكها البليونير الأميركي وصديقه الحميم شيلدون ادلسون. ونجحت الصحيفة المجانية خلال ثماني سنوات على صدورها في أن تصبح الأكثر انتشاراً في إسرائيل على حساب «يديعوت أحرونوت» التي نجحت في تجنيد غالبية من النواب في الكنيست السابقة لتمرير قانون، بالقراءة التمهيدية، يقضي بمنع الصحف المجانية. ورأى مراقبون أن خشية نتانياهو من تمرير القانون بالقراءات الثلاث كانت أبرز دوافعه لحل الحكومة السابقة وتبكير موعد الانتخابات. ووصف أحدهم اقتراح القانون ب «الانقلاب» ضد نتانياهو، إذ التقى شركاء الأخير في الائتلاف الحكومي مع أرباب «يديعوت أحرونوت» لينزعوا منه أقوى وسيلة دعائية لديه. واتخذ نتانياهو أول من أمس أول قرار له كوزير للاتصالات عندما أقال وكيل الوزارة من منصبه. وعزا مراقبون الإقالة إلى رغبة نتانياهو في وقف خطة الإصلاحات التي قادها وكيل الوزارة، وعلى رأسها سحب صلاحيات من شركة «بيزك» للاتصالات التي يديرها احد رجال الأعمال من أقرب أصدقاء نتانياهو. وأبقى نتانياهو «سلطة البث الرسمية» بيديه ليطبق سيطرته على القناة الأولى في التلفزيون و»الشبكة الإذاعية» من خلال خطة إصلاح تقوم على حل السلطة الحالية وإعادة إقامة القناة التلفزيونية والمحطة الإذاعية النافذة بشروط ليضمن بذلك الانصياع السياسي التام له. لكن الوسيلة الرئيسة المستهدفة حالياً هي «القناة العاشرة» التي تعاني صعوبات مالية وتتوسل إدارتها كل سنة الحكومة إرجاء دفع مستحقاتها. ويخطط نتانياهو لمنح رخصة تفعيل القناة لأحد المتمولين من بريطانيا، ليضمن بذلك وسيلة إعلامية أقل ضجيجاً ومريحة إن أمكن على غرار «إسرائيل اليوم». كذلك ثمة تخطيط للسماح لمحطات تلفزة جديدة بالبث «من أجل تعزيز السوق الحرة والتعددية في الآراء». وأشارت وزيرة القضاء سابقاً تسيبي ليفني إلى أن الحكومة الجديدة تريد السيطرة التامة على الاتصالات وإضعاف المحكمة العليا، «ونحن نعرف أن الفارق بين الديموقراطية والديكتاتورية هو بالسيطرة على الإعلام». وتابعت أن نتانياهو يبحث عن «مالكين لوسائل إعلام يقومون بما يريده»، مضيفة أن سيطرته على سوق الإعلام «هي لأغراض شخصية وحزبية، ويجب منع ذلك». ورأى النائب من حزب «العمل» المعارض أرئيل مرغليت، في رسالة بعث بها إلى المستشار القضائي للحكومة، أن إقالة وكيل وزارة الاتصالات تنذر بما هو آتٍ، كأن يقوم نتانياهو بتنفيذ وعيده بالانتقام من وسائل الإعلام التي لم تؤيده في الانتخابات الأخيرة. واعتبر وجود نتانياهو على رأس الوزارة «تضارب مصالح حقيقياً يجب منعه».