مسألة صفقة الصواريخ الروسية من طراز «أس 300» كانت واحدة من أبرز النقاط التي ظهرت في ملف العلاقة الروسية – الإيرانية في عام 2009 وأثارت استياء الروس خصوصاً أن طهران أرسلت إشارات إلى موسكو اعتبرها الروس «تصعيداً» كان بينها إعلان وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي أن بلاده «تراقب تطبيق موسكو التزاماتها الموقعة» وأن نظام الدفاع الإيراني لا يعول كثيراً على الروس ولا على صواريخهم. كما قال قائد قوات الدفاع الجوي الإيراني محمد حسن منصوريان ان إيران يمكن ان تلاحق روسيا قضائياً اذا أخلت باتفاق تزويد إيران بمنظومات «أس 300». اللافت أن هذه التصريحات أثارت موجة من الاستياء داخل روسيا وفتحت جبهة إعلامية ركزت على أن «الإيرانيين شريك متعب» لكن الأهم من ذلك أنها أثارت تساؤلات حول حقيقة العقد الموقع مع الإيرانيين خصوصاً لجهة تباين التصريحات بين جهات تعترف بوجوده وأخرى تنفي توقيعه أصلاً. لكن متحدثاً باسم مؤسسة «روس أبورون إكسبورت» المسؤولة عن الصادرات العسكرية الروسية قال ل «الحياة» في وقت سابق إن العقد وقع منذ سنوات وأن التأخير في تنفيذه له أسباب عدة بينها فنية ومالية. وتشير جهات مطلعة إلى أن طهران لم تسدد قيمة العقد ما منح موسكو فرصة للمماطلة في تنفيذه، لكن خبراء أشاروا إلى أن هذا المبلغ لا يمكن أن يكون السبب في تأخير تنفيذ الصفقة وأن الأساس هو عدم وجود قرار سياسي . وبحسب العقد الموقع (منذ خمس سنوات أو منذ عامين بحسب معطيات متباينة) فإن طهران كان يجب أن تحصل على خمسة منظومات من طراز «اس 300 ب م و1» المعدلة. وكان نائب رئيس الوزراء الروسي سيرغي إيفانوف أكد منتصف العام أن روسيا «لا تقوم حالياً بتزويد إيران بمنظومات صواريخ «أس 300» المضادة للطائرات. وجاء حديثه رداً على تسريبات صافية بأن موسكو بدأت بتنفيذ العقد. وتبرز أهمية هذه الصفقة لأن أنظمة «أس 300» تشكل مع صواريخ «تور أم واحد» الروسية أيضاً درعاً جوياً متكاملة قادرة على حماية المنشآت الإيرانية المهمة في شكل كامل. إذ تعد «تور أم واحد» (لدى إيران منها 29 وحدة) أفضل مضادات جوية للمسافات القريبة، بينما تغطي «أس 300» المسافات المتوسطة ويصل مداها بين 300 و450 كيلومتراً. وقال خبير عسكري ل «الحياة» إن المشكلة الأساسية في تنفيذ الصفقة برزت بعدما مارست واشنطن وتل أبيب ضغوطاً كبرى على الروس لأن استلام طهران هذه الصواريخ يعني أن منشآتها ستكون في مأمن من الضربات الجوية بنسبة عالية جداً ما يطلق يدها في تطوير أي برامج نووية من دون مخاوف من تدخل عسكري خارجي. وبحسب الخبير فإن الفترة اللازمة لتشغيل الصواريخ بعد تسليمها هي ثلاث سنوات تستغرقها عملية التركيب وتدريب العسكريين الإيرانيين، ما يعني أن التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران تأخذ في الاعتبار أن الهدف تدمير قدرة إيران قبل تركيب هذه الصواريخ. وبحسب مصادر في موسكو فإن نتانياهو أبلغ الروس خلال زيارته السرية قبل شهور أن تل أبيب لن تنتظر حتى يتم تركيب الصواريخ وستضرب إيران فوراً إذا نفِذت الصفقة.