خطف الموت مبتعثاً سعودياً، فيما لا يزال زميله في وضع صحي «حرج»، إثر حريق شب في مكان سكنهما. وحال الموت دون إكمال مشوار الطالب المُبتعث خليل خلف البلوي، لنيل شهادة الدكتوراه في علم الاجتماع، بعد اغترابه أعواماً، بغرض الدراسة في الولاياتالمتحدة الأميركية، وكان اعتاد زيارة أهله في مسقط رأسه (غرب السعودية) بين الفينة والأخرى، ليروي لهم أحاديث معيشته، التي يتشارك فيها مع أصدقائه، وأبناء جلدته من السعوديين، الذين يقاسمونه الهمّ الدراسي، حول مستجدات تطوره العلمي، الذي يريد أن يختمه بشهادة الدكتوراه. لكن هذه المرّة اختلفت الأدوار بين الابن والعائلة، إذ عاد البلوي ابن محافظة العلا (منطقة تبوك)، التي احتضنته حتى بلغ ال30، «جثة هامدة»، وكان في استقباله والده وإخوته في مطار الملك خالد الدولي، ليكون آخر لقاء بينهم، قبل أن يُصلّى عليه ويُدفن بمدينة الرياض. عائلة البلوي ستبدأ اليوم حياة أخرى، لاستقبال المعزّين طوال ثلاثة أيام متتالية، في وفاة ابنها الذي راح ضحيّة حريق نشب في المبنى الذي يضمّ شقته فجر السبت الماضي. فيما لم يسلم صديقه وليد الثنيان الذي يسكن معه من براثن النيران، ليصبح وضعه الصحيّ «حرجاً»، ما تطلّب نقله إلى المستشفى لمتابعة حاله. واستيقظ نحو 8.4 مليون نسمة من سكان ولاية فرجينيا الأميركية قبل يومين، على نبأ التهام النيران 12 وحدة سكنية، في مبنى يقع بمدينة الإسكندرية. وجاء القدر أن يكون ضمن تلك الوحدات السكنيّة، الشقة التي يقطنها البلوي والثنيان. فيما أشارت التحقيقات الأولية إلى أن سبب وفاة الأول «الاختناق لكثافة الأدخنة المتصاعدة». وذكرت مصادر ل «الحياة» أن المتوفى خليل البلوي مُبتعث يدرس بمرحلة الدكتوراه، في تخصص «علم الاجتماع»، وهو من الطلاب المشهود لهم ب «الأخلاق العالية والحرص على التحصيل العلمي». وأوضحت أن السفارة السعودية في واشنطن تلقت بلاغاً عن واقعة الحريق، الذي أودى بحياة البلوي وأصاب زميله الثنيان، وقامت بإنهاء جميع الإجراءات اللازمة لنقل جثمان الفقيد إلى المملكة أمس. وحصل البلوي على شهادة البكالوريوس من كلية المعلمين في تبوك، (تسمى حالياً «كلية التربية والآداب»)، وسافر بعدها إلى الأردن ليدرس الماجستير. فيما تم قبوله في نظام الابتعاث، لإكمال درجة الدكتوراه، وكان «مثابراً ومجتهداً وطموحاً وشغوفاً بالعلم» كما ذكر من كان يعرفه، لافتين إلى أن القبول في مرحلة الدكتوراه ليس بالأمر السهل في أميركا، ومع ذلك استطاع خليل مواصلة دراسته وتجاوز تلك العقبات. ورجحت مصادر أن يكون سبب الحريق «تماس كهربائي»، لافتة إلى أنه سيتم «فتح ملف تحقيق في القضية لكشف ملابساتها ومعرفة أسبابها». وأشارت إلى «عدم وجود معلومات دقيقة أكثر مما هو متناقل حتى الآن». فيما يرقد المصاب وليد الثنيان صديق البلوي في العناية المركزة بالمستشفى. موضحة أن البلوي الثالث بين إخوته. فيما ضج موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» بمطالبة المسؤولين بالتدخل لحماية المبتعثين.