فتح حي«قويزة» المنكوب ملفات شائكة في جدة، واقتيد من أجله شخصيات مرموقة إلى التوقيف على ذمة التحقيق، على رغم أن ذلك الحي يصنف ضمن المناطق العشوائية، إذ لم توجد قبل ربع قرن تجمعات سكانية على ظهره، إذ نما شيئاً فشيئاً وشيدت فيه بنايات على النسق الحديث، من دون أن يدرك مشيدوها أن يوماً سيأتي ليتحسروا على اختيارهم تلك المنطقة موقعاً لعيشهم، بعد أن أتى الطوفان ولم يترك شيئاً هناك إلا ووضع عليه أثره. وتصدر «قويرة» إبان كارثة نوفمبر وسائل الإعلام العالمية، المرئية والمقروءة، فيما كان قبل تلك الأزمة مجهولاً اشتق اسمه منذ القدم من موقعة على مرتفع رملي « طعس» تحده الجبال والعقوم الرملية في شكل قوس، وعلى رغم هطول الأمطار على الحي في شرق جدة منذ إنشائه قبل ربع قرن، إلا أن ما نزل عليه يوم الاربعاء الأسود، كان «كارثياً»، حمل معه كثيراً من المآسي والآلام التي لايزال أهالي جدة يجترونها، فيما يتساءل فريق منهم وهم يتابعون اقتياد «لجنة التقصي» لمسؤولين على ذمة التحقيق. المهندس المدني خالد بن علي قال ل « الحياة»: «للأسف كارثة نوفمبر التي عانت ولاتزال منها جدة، حدثت بالدرجة الأولى نتيجة خلل في تنفيذ مصبات السيول والصرف والأمر ليس بجديد على غالبية أحياء جده التي تعاني نفس المشكلة»، مشيراً إلى أن التحذير جاء هذه المرة إلهياً، فجرفت السيول السكان وممتلكاتهم. وأوضح أن أي مشروع هندسي يتعلق بالبناء والتشييد يعتمد نجاحه على مدى الالتزام بالتصور الهندسي والتخطيطي له، إضافة إلى الالتزام بتطبيق العمل كما تم رسمه. وذكر أن المرحلة المهمة التي تسهم في نجاح أي مشروع هي اختيار جودة الأدوات المستخدمة في تنفيذه سواء مادية أو بشرية، معتبراً أن غالبية أحياء جده تفتقر إلى العديد من تلك المقومات، ومشيراً إلى أن الأمطار الغزيرة التي هطلت عليها أخيراً كشفت حجم ذلك القصور. بدوره، رأى الاختصاصي الاجتماعي سمير الدايل أن حي قويزة أطلق الانذار بشأن أحياء جدة الأخرى، كونه أكثر المناطق تضرراً من السيول، مشيراً إلى أن السيول فتحت العديد من الأبواب المغلقة وأزاحت الستار عن عدد من الحقائق ودفعت باتجاه البحث في الملفات الشائكة التي من خلالها اتضح مقدار الفساد الإداري والقصور المهني. وتساءل قائلاً: «كيف يمكن لمدينة مثل جدة أن تكون أحياؤها بلا صرف صحي، وتعاني شحاً في المياه، بينما نجد مدنا أقل إمكانات وأقل أهمية تنعم بكل أوجه الحياة الاجتماعية الكريمة بالشكل المطلوب»، معتبراً أن سرعة إظهار نتائج التحقيق سيكون لها الأثر الأكبر اجتماعياً.