وجه أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد أمس انتقادات شديدة الى من «يمسون الثوابت الوطنية « ويخرجون الممارسة الديموقراطية «من الزمان والمكان المحدد لها» عبر «تعبئة الجماهير واستخدام الأساليب الغريبة وانتهاج الفوضى» من أجل «تحقيق مكاسب سياسية رخيصة»، وتعهد «صون الوطن والذود عنه وحمايته من شرور المصالح الشخصية والمكاسب السياسية ومهالك العصبية والقبلية والطائفية وحسراتها». وقال الأمير في كلمة وجهها الى الشعب الكويتي مساء امس عبر التلفزيون انه «هاله وأحزنه أن تشهد الساحة الكويتية مثل هذه الأجواء القاتمة وما انطوت عليه من مظاهر وممارسات وأصداء انفعالية غير محسوبة التداعيات والعواقب ومشحونة بالنزعات والنعرات المقيتة»، و نوه بإجراءات قامت بها الحكومة «لاحتواء أسباب فتنة بغيضة بالعمل على فرض حكم القانون». وجاءت كلمة الشيخ صباح بعد سلسلة من الأحداث شملت قيام المعارضة البرلمانية بحشد آلاف من مؤيديها وتنظيم مسيرات الأسبوع الماضي رداً على بث لقناة «السور» التلفزيونية تضمن اساءات الى الكويتيين من اصل قبلي، وأطلق بعض نواب المعارضة تهديدات بإعادة استجواب رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد ووزيري الداخلية والإعلام. واعتقلت السلطات صاحب القناة ويدعى محمد الجويهل ولا يزال رهن التحقيق لدى النيابة العامة ووجهت اليه تهماً تتصل بأمن الدولة وبث الفرقة بين فئات المجتمع، كما تم وقف قناة «السور» عن البث بعد 24 من بث المواد المسيئة للقبائل، غير ان المعارضة اعتبرت الإجراءات الحكومية غير كافية. وتعتبر كلمة الأمير الأشد في اطار انتقادات وملاحظات عدة وجهها الى المعارضة السياسية في الماضي، خصوصاً بتحذيره من تعرض الديموقراطية الكويتية «لخطر انتكاسة مفصلية». وكانت السنوات الأربع الماضية شهدت حل مجلس الأمة (البرلمان) 3 مرات وتغيير الحكومة ست مرات. وسأل الأمير في كلمته «هل بات مقبولاً أن نرى من الممارسات ونسمع من العبارات ما يمس ثوابتنا الوطنية ويسيء الى نسيجنا الاجتماعي ومكوناته؟ وهل أصبح التهديد والتشكيك والشحن والإثارة وتعبئة الجماهير واستخدام الأساليب الغريبة وانتهاج الفوضى والانفلات بديلاً للاحتكام الى القانون وتأكيد سلطته والحفاظ على هيبته؟». وشدد على ان «للممارسات الديموقراطية أصولها وحدودها وأدواتها الدستورية التي تمارس من خلالها في الزمان والمكان المحدد لها، فإن خرجت عن زمانها ومكانها وإطارها الدستوري، تتحول الى فوضى وتمرد على الأسس والقواعد والأعراف والتقاليد الاجتماعية»، مؤكداً التزام الدستور، اذ «اننا في هذا البلد نؤمن ايماناً راسخاً بالمبادئ الدستورية التي يجب أن تستقر وتعمق الممارسة السليمة التي تكون من خلال الأدوات الدستورية وتحت قبة مجلس الأمة وليس من خلال تأجيج المشاعر واستخدام أساليب الإثارة والتحريض والتشكيك عبر الخطب ووسائل الإعلام المختلفة». واعرب الأمير عن اسفه لأن «يستمر البعض بترديد الادعاء بتوجهات للتعدي على الدستور والتجاوز عليه وغيرها من طروحات التشكيك وخلط الأمور سعياً لتحقيق مكاسب سياسية رخيصة»، مؤكداً ان «لا أحد يملك الوصاية على الدستور (...) ولعل دعاة هذه الشائعات والشكوك هم أكثر من ينتهك أحكام الدستور ويخالف مبادئه ونصوصه». وتابع «أمام ذلك أصارحكم القول وبكل الأسى والألم ان ما ابتليت به الساحة الكويتية أخيراً من ممارسات مؤسفة تجاوزت كل الحدود في تشويه وجه الحرية والديموقراطية والعمل الوطني لتفتح باب الفوضى والانفلات وتشيع أجواء التوتر والتناحر واستفزاز المشاعر والانشغال بالمماحكات والمزايدات والاستعراضات المشبوهة التي أثارت قلق المواطنين وهواجسهم تجاه مستقبل وطنهم وأبنائهم». وانتقد الأمير اساءة البعض فهم واستغلال الديموقراطية «فليس من الديموقراطية والحرية ما يسمح بالتعدي على قيمنا وثوابتنا الوطنية أو بالتطاول والتجريح للآخرين والحط من كرامتهم، كما هو ليس من الديموقراطية والحرية بشيء أن يتم انتهاك وتجاوز الدستور والقانون بإسم الدستور والقانون». وتابع «ما أخشاه اليوم أن تتعرض الممارسة الديموقراطية لخطر انتكاسة مفصلية بفعل الإفراط في تسييس الأمور والخروج على الضوابط التي رسمها الدستور لا سيما ان حالة الخلل السياسي والعلاقة غير الصحيحة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية أصبحت حملاً ثقيلاً يقوّض المكتسبات والإنجازات ويمس الثوابت الوطنية».