أين زوجتك؟ ...تركتها مع أسرتها لتستمتع بالبحر وأتيت لأبقى مع البحر يوماً أو بعض يوم، قالها وهو يضع حقيبته المحملة ببعض الكتب وأشياءه الشخصية الصغيرة، هنا وقف موظف الاستقبال في المنتجع البحري ببرود ليقول للرجل الآتي من مدينة الرياض، إن هذا المنتجع لا يقبل بوجود العزّاب بين جدرانه. اندهش الرجل، الواضح من هيئته اهتمامه بكتبه والبحر فقط، من ذلك الاستقبال اللامنطقي والحكم الغريب، وهو يقول: ماذا تعني بالعزّاب؟ أنا لست عازباً. قال الموظف المتسم بالبرود: إذاً أين زوجتك؟ وما شأنك أنت بزوجتي، أنا آتٍ لأسكن لا لأحدّث بياناتي الشخصية؟ رد الموظف: أنا لا أمزح، لا يوجد هنا مكان للعزاب... حمل الرجل المهذب كتبه وأشياءه وركب سيارته وقصد منتجعاً آخر، فكان الموظف إياه هناك، ولكن بجنسية أخرى وشكل آخر ولهجة أخرى، وفي المنتجع الثالث زاد الموظف: إن منتجعنا لا يقبل إلا من كان لديه عضوية. لا حول ولا قوة إلا بالله، أقبل الليل والرجل العاشق للبحر والقراءة لم يجد له مكاناً في حضرة البحر الكبير. الزوجة المحبة لم تكن مشغولة عنه، بل كانت تتابع خطوات زوجها الحبيب بصمت... فجأة ارتدت عباءتها واصطحبت إحدى قريباتها التي كانت تحمل البطاقة العائلية وهي تقول: دقائق ونعود... وعادت بعد أن ادعت صديقتها أنها الزوجة وهذه الأوراق الرسمية للزواج! هنا كان المنتجع على استعداد، خصوصاً أن لديه شاليهاً فارغاً حدد سعره بألفين وسبعمئة ريال لليلة الواحدة! سكن الرجل وعادت الزوجة المحبة، وهي تقول: لن ألوم الشباب إذا طلبوا السفر لخارج البلاد، إنهم يبحثون عن البحر، والبحر هنا مقفل في وجوههم، هنا علقت إحدى الحاضرات: لقد تساووا مع النساء اللاتي يضطررن إلى الإقامة في غرفة في فندق! هنا انبرت لها مستمعة لتقول لها المساواة في الظلم عدل، إذ إن المرأة تعاني عندما تستدعيها بعض الظروف للإقامة في أحد الفنادق، فلا تحلم مجرد حلم أن تحصل على أسبوع واحد مع نفسها، أو حتى مع أخواتها أو أطفالها، إذا لم تكن تصطحب الزوج ولو كان هذا الزوج لم يوجد أصلاً! ردت عليها إحدى الحاضرات: ومن تكلم عن الظلم أصلاً؟ نحن نتكلم عن هذه القرارات والقوانين الغبية التي نضعها في أيدٍ غبية لتطبقها بغباء أشد... هنا ارتفع صوت الموج لتلتفت النسوة إلى أنهن يخطن بأصابعهن على الرمال التي سيبعثرها الموج بمجرد أن يغفون قليلاً ليمارسن الأحلام، فالأحلام تظل تحت الألحفة بينما الواقع يمارس العمل في استراحات ومقاهي المعسل التي ينصرف لها الشباب الذين لا يجدون أمكنة غيرها تفتح لهم ثغرها بابتسامة حب واحتضان. لقد أغلقت الأبواب في وجوههم وكأنهم الشر المستطير أو الشرر الذي سيحرق الأسر، بينما هم أبناء الأسر، فلماذا تفترض فيهم تلك القوانين السقوط؟! لماذا تفترض تلك القوانين أن الشباب هائمون على وجوههم وبدون «كنترولات»؟! هل إذا أخطأ ذات يوم شاب غبي لابد أن يوصم جميع الشباب؟ في الحقيقة أن تلك القوانين أو الأنظمة على تسرق الثقة من الشاب وتجعله موضع شك في بلده وبين أهله، فما بالنا أمام الآخرين؟ أتساءل الآن هل لنا وقبل أن يغطي صوتنا الخجول صوت الموج الصاخب أن تعي تلك القوانين فداحة هذه الأخطاء في حق الشباب؟ إن صوت الموج يعلو فلا تدعوه يجتاح ما تخطه أيدينا على أرضنا، إننا نرفع صوتنا لنقول احيلوا تلك القرارات على التقاعد فأعمالها لا تتواءم مع صلاح المجتمع.