تفرض مشكلات البنية التحتية نفسها واقعاً في العاصمة الرياض، فإن اتجه المرء إلى الجنوب وجد شوارع فاضت فيها مياه الصرف الصحي إلى الشوارع في أحياء الشفا والعزيزية والدار البيضاء، وإذا ما قرر المرء الرحيل إلى الشرق، فسيرى الطرقات محفورة منذ سنوات بانتظار ما يملؤها، في أحياء السلي والنسيم والنظيم والريان والخليج، فضلاً عن مكب المياه الملوثة الواقع في حي النظيم الذي لم تجد الجهات المختصة حلاً له حتى الآن. ولن تكون الحال أفضل في غرب العاصمة التي تغطي مساحة تتجاوز 5 آلاف كيلومتر مربع من الأرض، في أحياء نمار والعريجاء الغربية وعرقة إلى جانب السويدي الغربي لم تصلها شبكات الصرف الصحي وتصريف السيول أصلاً، ولم يدق في أرضها حتى «معول»، لتمديد شبكة الصرف. وفي الشمال، ينطبق الأمر ذاته، والحجة الشائعة أنها أحياء جديدة، لم تصل لها الخدمات بعد، بسبب سرعة التوسع، ومنها أحياء الصحافة والعقيق والأندلس والنزهة والنفل، ليتجاوز عدد الأحياء التي تعاني من مشكلات في الصرف الصحي ال20 في العاصمة. وربما يخطر خاطر لأحدهم فيذهب إلى وسط العاصمة، بحثاً عن شبكة للصرف الصحي وتصريف السيول، هذه المرة سيجد، لكنه سيفاجأ بأنها تحوي بحيرة ضخمة مكونة من مياه الصرف الصحي، تنبعث منها روائح خانقة، ليكون شكل المعاناة مختلفاً. «الحياة» في الحلقة الأخيرة من ملفها عن أزمة الصرف الصحي وتصريف السيول وجهت السؤال إلى المشتكي والمشتكى عليه، وخلصت بأن مشكلات الصرف الصحي بدأت معهم منذ أكثر من 50 عاماً ولا تزال، فبعض السكان يشتكون من نزف جيوبهم بسبب جلب صهاريج شفط مياه الصرف الصحي التي تكلفهم الكثير من المال، علماً أن نظراءهم في أحياء أخرى ينعمون بخدمة شبكة الصرف الصحي. ولم يكتف سكان وسط الرياض بذلك، فحي منفوحة الشهير أصبح مكب لمياه الصرف الصحي، وهو ما جعل الكثير من السكان يهربون من الحي بسبب الروائح الكريهة التي تصدرها هذه البحيرة إلى جانب كثرة الحشرات والضرر العام بصحة البيئة. في حين اكد مسؤولون في شركة المياه الوطنية أن عامين فقط يفصلان عن تغطية أكثر من 80 في المئة من أحياء العاصمة بشبكة الصرف الصحي. وكانت مشاريع عدة لشبكة الصرف الصحي تعطلت وسحبت من مقاولين في الأعوام الأخيرة، وتم تغريمهم بسبب عدم اكتمال العمل والتأخير في تسليم المشاريع وبلغ التأخر أكثر من عام، وهو ما دعا إلى سحب المشاريع وتسليمها إلى مقاول آخر والقصة ذاتها تعود، وبسؤال المقاولين عن أسباب تأخيرهم أكدوا أن ذلك يعود بسبب عدم حصولهم على تأشيرات العمالة المطلوبة من وزارة العمل.