بدا أن المصالحات التي تبرمها أطراف محلية في ليبيا، تتقدم على الوساطات الدولية التي تراوح مكانها. وفي هذا الإطار، جرت أمس، عملية تبادل أسرى ومحتجزين بين مناطق مختلفة في غرب ليبيا وضواحي العاصمة طرابلس. ورعى الهلال الأحمر الليبي عملية التبادل الأخيرة بين الزاوية من جهة وورشفانة والزنتان والرجبان من جهة أخرى. وأطلق بموجب العملية 54 أسيراً من الزاوية (غرب طرابلس) هم 13 كانوا محتجزين لدى الزنتان (أقصى الغرب) و11 لدى الرجبان و 30 لدى ورشفانة. وأطلقت الزاوية عدداً مماثلاً من الأسرى بعضهم احتجز لفترة سبعة أشهر، منذ تصاعد القتال في ضواحي طرابلس بين المقاتلين التابعين ل «فجر ليبيا» وآخرين من «جيش القبائل» والزنتان الموالين ل «عملية الكرامة» بقيادة الفريق خليفة حفتر. على صعيد آخر، دعا وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي، الأطراف السياسية في ليبيا، إلى «الالتزام بالحوار الشامل والتوافقي لتشكيل حكومة وحدة وطنية»، من أجل أمن ليبيا ودول الجوار. وأكد البيان الختامي للدورة ال33 لمجلس وزراء خارجية دول اتحاد المغرب العربي، التي انعقدت في الرباط أمس الأول، دعمه جهود الأممالمتحدة لحلّ الأزمة الليبية ممثلةً بمبعوثها برناردينو ليون، مشدداً على «أهمية متابعة جميع الأطراف هذه المفاوضات، للخروج بحلّ ينهي الأزمة الليبية». وكانت مدينة الصخيرات الواقعة جنوبي الرباط، استضافت في آذار (مارس) الماضي، مفاوضات بين السياسيين الليبيين برعاية الأممالمتحدة، لتشكيل حكومة وحدة وطنية وإبرام اتفاق دائم لوقف النار وإعادة عملية الانتقال الديموقراطي في ليبيا إلى مسارها، بعد 4 سنوات من إطاحة الزعيم السابق معمر القذافي. غير أن طرفي الأزمة يواجهان انقسامات داخلية في شأن المفاوضات، كما أن الجماعات الإسلامية المتشدّدة تستغلّ الوضع وتحقّق مكاسب. وندّد مجلس وزراء الخارجية ب«الإرهاب بأشكاله وأنواعه كافة»، باعتباره «خطراً يهدّد أمن الدول المغاربية واستقرارها». كما دان البيان بشدّة، العمليات الإرهابية التي استهدفت بعض الدول المغاربية، مخلفةً عدداً كبيراً من الضحايا المدنيين ومن قوات الأمن والجيش. في سياق متّصل، أكد رئيس مجلس الأمة الجزائري عبدالقادر بن صالح، خلال لقاء جمعه برئيس الحكومة الليبية الموقتة عبدالله الثني، أن بلاده «لا تذخر أي جهد من أجل أن يتوصل الأشقاء في ليبيا إلى أرضية توافق بينهم، تفسح أمامهم الطريق نحو الإعمار والتنمية، وترفض أي تدخل في الشأن الداخلي الليبي». ودعا بن صالح إلى الاستفادة من تجربة الجزائر في تسعينات القرن الماضي، من خلال الحوار والمصالحة والعفو العام. وناقش الطرفان خلال الاجتماع، مواضيع اقتصادية وأمنية عدة، حيث تم الاتفاق على تشكيل لجان عليا ولجان نوعية لدراسة الملفات والاتفاقات السابقة كافة ومتابعتها، بما يخدم مصلحة البلدين. وأطلع الثني رئيس البرلمان الجزائري، على أبعاد الأزمة الليبية والمشاكل التي تواجهها الحكومة، وعلى رأسها مشكلة الإرهاب الدولي الذي انتشر على الأراضي الليبية. وأوضح أن «الإرهاب لن يتم القضاء عليه إلا بدعم المؤسسة العسكرية وإمدادها بالسلاح والعتاد». وأضاف أن «الحكومة تنظر إلى التجربة الجزائرية بتركيز تام، وستستفيد من هذه التجربة للوصول إلى أرضية صلبة لينطلق منها مشوار البناء والإعمار في ليبيا». على صعيد آخر، أعلن رئيس ساحل العاج الحسن وتارا، أمس الأول، أن بلاده ستجلي قريباً رعاياها من ليبيا بسبب تفاقم انعدام الأمن، الذي يدفع شباناً مهاجرين الى محاولة عبور المتوسط في اتجاه أوروبا. وقال وتارا: «طلبت من وزارة الاندماج الأفريقي والعاجيين في الخارج، اتخاذ إجراءات لإجلاء مواطنينا الذين يمرون بمحنة في هذا البلد الواقع فريسة توتر»، من دون أن يذكر عدد المعنيين ولا تاريخ بداية عمليات الإجلاء. وأعرب عن «الألم لرؤية آلاف الشبان المهاجرين، ومن بينهم كثر من الأفارقة، يموتون في البحر المتوسط».