في الذكرى الأولى للحرب الاسرائيلية على قطاع غزة، لا يزال نحو 20 ألف فلسطيني بلا مأوى يبيتون في خيام من القماش فوق أو قرب أنقاض منازلهم التي دمرتها قوات الاحتلال الإسرائيلي. عام كامل مر على هؤلاء ذاقوا خلاله شظف العيش والجوع والمرض وحر الصيف ولسعات برد الشتاء القارس، من دون أن يرمش جفن للأشقاء والأصدقاء قبل الأعداء في هذا العالم. وعلى رغم أن مئات قليلة من ميسوري الحال تمكنت من إعادة ترميم منازلها المضررة أو المتصدعة من خلال شراء أسمنت مهرب من الأنفاق بأسعار خيالية، فإن عشرات الآلاف غيرهم من الفقراء شكلوا بأجسادهم وأجساد أطفالهم أعمدة وحبالاً وأوتاداً للخيام كي تبقى صامدة أمام أمطار غزيرة أو رياح عاصفة. وظلت قضية إعادة إعمار غزة تراوح بين رفض إسرائيلي مطلق لرفع الحصار أو إدخال مواد بناء، وبين تواطؤ أميركي وأوروبي، وصمت عربي وفلسطيني رسمي غير مفهوم وغير مبرر. وبقيت بلايين الدولارات التي رصدت لإعادة بناء خمسة آلاف وحدة سكنية تم تدميرها كلياً إبان الحرب ونحو 50 ألفاً أخرى دمرت جزئياً، حبراً على ورق مؤتمرات المانحين والسلطة الفلسطينية. ويقول المشردون في خيام البؤس الغزية إنه فيما ينفطر «قلب» العالم على الجندي الاسرائيلي الأسير لدى فصائل المقاومة في غزة غلعاد شاليت، فلا أحد يتذكر 1455 شهيداً سقطوا إبان الحرب، وأكثر من خمسة آلاف أصيبوا، بعضهم فقد يديه وأصبح عاجزاً عن شرب كوب من الماء، في وقت يقبع عشرة آلاف أسير في سجون الاحتلال. وفيما انشغل العالم على مدى أسبوعين أخيراً في البحث في الآثار البيئية للاحتباس الحراري، لم يلتفت أحد منهم الى تدمير البيئة الفلسطينية بسبب الأسلحة الفتاكة التي استخدمتها إسرائيل إبان الحرب، وأغمض عينيه عن رؤية عشرات آلاف الأطنان من الركام تلقى الى البحر أو تدفن في التربة. في هذا السياق، طالبت «اللجنة الوطنية لتقويم الأثر البيئي للعدوان الإسرائيلي على غزة» بتشكيل لجنة من الخبراء الدوليين لمتابعة إجراء الفحوص على عيِّنات من التربة والسكان المحليين لتحديد آثار الحرب وتداعياتها. ودعت في مؤتمر صحافي عقدته في غزة إلى تحرك سريع لإعادة بناء البنية الاقتصادية التي دمرها الاحتلال وإعادة بناء وترميم البيوت المدمرة، كما دعت الى وقف الاعتماد على مياه الخزان الجوفي التي ضخت مياهاً ملوثة ومستنزفة نتيجة الحرب الإسرائيلية، مشددة على أهمية متابعة تقويم آثار الحرب على شتى عناصر البيئة، وتوفير أجهزة ومعدات لقياس مؤشرات التلوث الذي تركته الحرب. وكشفت اللجنة أن «الاحتلال استخدم ما يزيد على ثلاثة ملايين كيلوغرام من الذخائر، أي بمعدل كيلوغرامين لكل مواطن»، مؤكدة أن «معظم هذه الذخائر من المحرم دولياً مثل دايم والفسفور الأبيض واليورانيوم المنضب». وأوضحت أن خسائر الاقتصاد الفلسطيني بسبب الحرب قدرت بنحو أربعة بلايين دولار، وأن الاحتلال دمر 14 في المئة من المباني في القطاع، مشيرة إلى أن «حجم النفايات الصلبة المنزلية المتراكمة في شوارع قطاع غزة وصل إلى 20 ألف طن، وأن حجم الركام الناتج من الحرب بلغ 1.5 مليون طن». وأشارت الى أن الحرب «أدت إلى تلويث واستنزاف إضافي لمياه الخزان الجوفي والأراضي الزراعية والهواء والبيئة البحرية، بعدما تم تجريف 17 في المئة من الأراضي المزروعة واقتلاع 410 آلاف شجرة». وقالت إن «عدد شهداء الحرب بلغ 1455 شهيداً، من بينهم 82 في المئة مدنيون، 35 في المئة من النساء والأطفال، و16 من الطواقم الطبية، فيما عدد الجرحى بلغ 5303 جرحى، 49 في المئة منهم نساء وأطفال، و38 من الطواقم الطبية». وأضافت أن «100 ألف فلسطيني شردوا من بيوتهم أثناء الحرب، وأن 20 ألفاً منهم لا يجدون مأوى بديلاً بعدما دمر الاحتلال خمسة آلاف وحدة سكنية بالكامل و50 ألفاً في شكل جزئي، 10 في المئة منها أصبحت غير آهلة للسكن». وزادت أن «1700 أسرة فقدت عائلها نتيجة الوفاة أو الإصابة»، فضلاً عن «تعرض 15 مستشفى لأضرار بالغة، وتدمير 43 مركزاً للرعاية الصحية الأولية، بالإضافة إلى إغلاق 24 مركزاً صحياً».