على رغم أنهم يقولون دائماً بأن مباريات كرة القدم تنتهي بعد ال90، وأن الرياضة رهن أحداث الملعب فقط، وأن روحها فقط ترافق اللاعبين بعد النهاية إلا أن المشاهد تحكي واقعاً مختلفاً تماماً، فانفجارات غضب اللاعبين بعد المباريات تُخرج في الغالب كُل قُبح كرة القدم. بالأمس القريب كان بطل مشهد الخروج الفاضح عن النص لاعب النصر البرازيلي فابيان، حين قام في مشهد مستغرب بخلع قميصه قبل الاعتداء على اللاعب الكوري في لخويا القطري تام تي هي بحثاً عن الهرب من العقوبة بتغييب لون القميص، لكن العدسات التي تلاحق اللاعبين في كل مكان وقفت على المشهد بكل فصوله، فكان أن أثارت القضية غضباً واستغراباً واسعاً في الأوساط الرياضية. تصرّف اللاعب البرازيلي الخارج عن النص ما كان ليغير من واقع المباراة التي انتهت للتو شيئاً، فالنصر غادر البطولة الآسيوية بعد تأخره بثلاثة أهداف لهدف في مباراته الأخيرة، وفيما كان جُل لاعبي الفريق «الأصفر» غادروا الملعب، خرج البرازيلي وحيداً بعد نهاية المباراة عن النص بهذه الطريقة الفاضحة، فأثار غضب أنصار فريقه قبل الضيوف. وبالتأكيد لم يكن فابيان اللاعب الأول الذي ساقه الغضب إلى تشويه حضور فريقه، فقبله كلّف مهاجم الهلال البارز ناصر الشمراني فريقه الكثير، حين أتبع نهاية مباراة فريقه بضيفه الأسترالي ويسترن سيدني في نهاية الموسم الماضي بالبصق على أحد لاعبي الفريق الضيف، ليقرر الاتحاد الآسيوي إيقاف اللاعب ثمان مباريات آسيوية، قبل أن تُقلّص العقوبة إلى ست مباريات. لكن الهلال، الذي عانى وبشكل واضح في البطولة الآسيوية من غياب المهاجم اضطرت إدارته إلى التعاطي مع إيقاف اللاعب بالتعاقد مع مهاجم أجنبي بديل ليسد فقط خانة المنفعل الغائب عن البطولة، لذلك تعاقدت مع اليوناني جورجيوس ساماراس الذي منعته الإصابة من مشاركة الفريق غير مرة. ولكن حضور مشاهد متكررة من ذلك النوع لجُل الأندية السعودية في محافل خارجية مهمة لا يُعتبر حكراً عليها فقط، فالحال ذاته ينطبق على معظم الأندية الخليجية على وجه الخصوص، إذ يمكن بشكل سريع الوقوف على تصرف نجم نادي العين الإماراتي جيان وخروجه الفاضح عن النص في لقاء الهلال آسيوياً مطلع الموسم الحالي، إضافة إلى الأندية الآسيوية والأوروبية عموماً. كل تلك المشاهد وتكرارها يرمي كماً وافراً من الأسئلة في وجه إدارات الأندية، فالتصرف الأقرب للاعب فابيان من الصعب ربطه بحب اللاعب للفريق أو غيرته على زملائه، إذ تظهر فردية قراره ووقت حدوثه أن اللاعب لم يبحث عن أكثر من انتقام شخصي، بعد شد وجذب طويل بينه وبين اللاعب الكوري طوال مجريات المباراة. واللاعبون القادرون على تبرير انفعالاتهم بالانتماء إلى الفريق أو الرغبة في الذود عن حقوق النادي، هم ذاتهم الذين يقررون في نهاية المطاف ترك الفريق في ظل تراجع العائد المادي لعقد جديد أو تأخر صرف مستحقات سابقة بحكم أن العواطف لا تعرف مكاناً في عالم الاحتراف، لكنها بالتأكيد تجد مكاناً واسعاً في الملعب لتُتَرجم إلى لكمات أو «بصقات» أو إلى ما هو أكبر من ذلك، تاركة مشهداً احترافياً متناقضاً تعجز الجماهير عن تفسيره.