أحيلت أوراق القيادي في «تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» فاتح بودربالة («عبدالفتاح أبو بصير») رسمياً على القضاء الجزائري استعداداً لمحاكمته خلال الدورات الجنائية المقبلة المقررة في النصف الأول من العام المقبل. ويوصف «أبو بصير» بأنه آخر «أمراء القاعدة» في العاصمة الجزائرية وحلقة الربط الأخيرة بين التنظيم والدكتور أيمن الظواهري الرجل الثاني في التنظيم الدولي. وعلمت «الحياة» من جهات قضائية أن «أبو بصير» أحيل على سجن في العاصمة حيث من المقرر أن تباشر العدالة إجراءاتها الاعتيادية في الاستماع إلى الموقوف. وقد يستغرق عمل النيابة شهوراً قبل إحالة الملف من غرفة الاتهام إلى المحكمة الجنائية، نظراً إلى مجموع الاتهامات التي تلاحق «أبو بصير» (29 سنة). ويوصف الأخير في سجلات الأمن بأنه آخر أمراء العاصمة والمخطط لعمليات تسلل كثيرة جرى تنفيذها خلال عامي 2007 و 2008 وتضمنت تنفيذ «عمليات انتحارية». لكن الظاهر أن اعتقاله أضعف في شكل كبير قدرات التنظيم على اختراق العاصمة، إذ لم تُسجّل سنة 2009 أي عملية «إرهابية» في ولاية الجزائر العاصمة للمرة الأولى منذ بداية التسعينات. وعُلم أن أجهزة الأمن حصلت من «أبي بصير»، قبل فترة، على معلومات مهمة عن تفاصيل عمل «القاعدة» بحكم قربه من أميرها العام عبدالمالك دروكدال (أبو مصعب عبدالودود). وأفاد بيان الأمن يوم اعتقاله بأنه كان قائد جماعة مكلفة تنفيذ أعمال إرهابية في العاصمة، وأنه اعترف بأن الأسلحة والمتفجرات التي ضبطت بحوزته «كانت ستستعمل بطريقة همجية خلال شهر رمضان»، وأنه «لا يأتمر إلا بأوامر عبدالودود ويحظى بكل الامتيازات والعناية». ويُعتبر اعتقال «أبو بصير» على أنه «فصل هيكلي» بين «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» بعد تحوّلها إلى فرع «القاعدة» المغاربي وبين التنظيم العالمي، على خلفية مسؤوليته عن «العلاقات الخارجية» التي كان يديرها من الجزائر العاصمة عبر قيادات من «السلفية الجهادية» في أوروبا الشرقية تأتمر مباشرة من محيط قائد التنظيم في باكستان ونائبه الأول أيمن الظواهري. وكان «أبو بصير»، الذي التحق بصفوف «الجماعة الإسلامية المسلحة» «الجيا» و هو لم يتم العشرين من عمره، يوصف بأنه من «النواة المؤسسة للجماعة السلفية للدعوة والقتال». وعيّنه أمير هذه الجماعة عبدالمالك دروكدال خلفاً لبلال الولباني مسؤولاً عن العلاقات الخارجية. وسجّلت أجهزة الأمن تغلغله في أوساط في العاصمة وقدرته على التحرك والتخفي. ولمّا اعتُقل عُثر بحوزته على نحو 800 كيلوغرام من المتفجرات وثلاث قنابل و20 صاعقاً قيل إنها كانت معدة لتستعمل في هجمات بالسيارات المفخخة والعمليات الانتحارية. وطال التحقيق معه علاقاته مع ناشطين في دول أوروبية وعربية، وأدى إلى كشف مستوى الاتصالات التي كانت تتم مع «القاعدة» خارج البلاد، ونوع الوسطاء ومكان إقاماتهم لا سيما في أوروبا. كما حمل «فاتح بودربالة» المنحدر من حي المرادية في العاصمة، في آخر أيام نشاطه قبل الاعتقال، مشاريع اغتيالات تستهدف شخصيات سياسية جزائرية.