فرضت قوات الأمن اجراءات أمنية مشددة في بغداد وسط مخاوف من استهداف ما تبقى من الوزارات والمباني الحكومية بعد سلسلة هجمات سابقة أوقعت مئات القتلى والجرحى. وأعادت السلطات نشر الحواجز الكونكريتية في شوارع بغداد وأمام المباني الحكومية، وضاعفت عدد نقاط التفتيش في اطار خطة أمنية جديدة، بحسب مصادر أمنية عراقية تحدثت الى «الحياة». جاء ذلك في وقت يستعد البرلمان لصوغ مجموعة توصيات «أمنية» لإقراراها ورفعها الى المجلس السياسي للأمن الوطني والحكومة، على شكل قانون ملزم يتضمن وضع استراتيجية أمنية جديدة في البلاد وسط مخاوف من حصول خروقات تتزامن مع موعد الانتخابات المقرر اجراؤها في آذار (مارس) المقبل. وكشف قائد أمني رفيع المستوى في قيادة عمليات بغداد ل «الحياة» البدء بتنفيذ خطة بديلة لحماية بغداد في أعقاب التفجيرات الكبيرة التي طاولت وزارات ومؤسسات حكومية، لافتاً الى أنها «تتضمن محورين، الأول على المدى القريب يشمل فرض إجراءات أمنية آنية جديدة وإلغاء بعض الإجراءات السابقة». وأضاف هذا القائد العسكري الذي طلب عدم نشر اسمه أن «المحور الثاني هو خطة على المدى البعيد يستغرق تنفيذها شهوراً، وتتضمن إعادة النظر في كيفية انتشار قوات الأمن والآلية الموضوعة للتحكم بها، وتوزيع المهمات المناطة اليها بين وزارة الداخلية والدفاع، والعمل على تحديد المسؤولية للقادة الأمنيين في شكل أكبر ليكونوا مسؤولين مباشرة عن أي خرق أمني». وأوضح أن «الإجراءات تمثلت في تكثيف الحمايات الأمنية لكل دوائر الدولة ومؤسساتها وإعادة نشر الحواجز الكونكريتية أمام بعض المؤسسات وعدد من الطرق والشوراع». ولفت الى أن «العدو غيّر استراتيجيته باستهداف المؤسسات الحكومية بدلاً من الأحياء السكنية». وشوهدت في شوارع بغداد خلال اليومين الماضيين عشرات الشاحنات المحملة بالكتل الكونكريتية لنشرها في الشوراع. كما توقف العمل بقرار سابق للحكومة برفع الحواجز الكونكريتية من بغداد. وطوقت السلطات جامعة بغداد بالكتل الكونكريتية، اضافة الى دوائر ومؤسسات أخرى خشية وقوع تفجيرات على غرار تلك التي شهدتها بغداد في أيام الاربعاء والاحد والثلثاء الدامية، والتي أدت الى سقوط مئات القتلى والجرحى. من جهته، أكد وكيل وزارة الداخلية أحمد الخفاجي أن «الإجراءات الأمنية التي تشهدها بغداد أخيراً هي جزء من الخطة الأمنية الجديدة». وقال ل «الحياة» إنه «بعد التفجيرات الكبيرة التي شهدتها العاصمة، كان من الضروري اعادة النظر في الإجراءات الأمنية»، لافتاً الى أن «قيادة عمليات بغداد ما زالت مشرفة على أمن المدينة». وأضاف أن «هناك تغييراً في القيادات الأمنية والمواقع القيادية في أعقاب التفجيرات الأخيرة، فضلاً عن فرض إجراءات أمنية مشددة في الشوراع للحيلولة دون تكرار حصول خروقات أمنية»، مشيراً الى أن «الأيام المقبلة ستشهد تعزيزاً لهذه الإجراءات الأمنية». ولوحظ انتشار كثيف لقوات الأمن العراقية عند مداخل شوارع العاصمة ومخارجها، فيما أغلقت قيادة عمليات بغداد بعد التفجيرات معظم الشوارع الفرعية. وفُرض طوق أمني حول منطقة الصالحية والمناطق المجاورة لها حيث وقعت معظم التفجيرات الأخيرة، وتضاعفت نقاط التفتيش فيها. الى ذلك، قال رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان هادي العامري في تصريح الى «الحياة» إن «البرلمان سيتخذ قرارات حاسمة على صعيد الملف الأمني في البلاد من خلال جملة توصيات سيرفعها الى الحكومة خلال أيام». وأضاف أن «الاستراتيجية الأمنية الحالية أصبحت مخترقة وغير ناجعة لمواجة تصاعد أعمال العنف». وأشار العامري إلى أن «البرلمان خرج بخلاصة من مساءلة الوزراء الأمنيين خلال الأيام الثلاثة الماضية، وتعكف لجنة الأمن والدفاع حالياً على كتابة ملخص عن الجلسات الثلاث. وعلى ضوئه، ستقدم مجموعة توصيات الى رئاسة البرلمان لإقرارها كي تكون قانوناً ملزماً للحكومة». وكان البرلمان العراقي نظم جلسة استماع الاسبوع الماضي على مدار ثلاثة أيام للوزراء والقادة الأمنيين ورئيس الوزراء باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، وذلك في جلسات شهدت سجالاً بين المسؤولين الأمنيين وبين النواب.