أُرجئت أمس محاكمة المتهمين ال56 في تفجيرات العاصمة الجزائرية في 11 نيسان (أبريل) 2007، إلى الدورة الجنائية الأخيرة لمجلس قضاء الجزائر. وكان في قفص الاتهام ستة موقوفين فقط في العشرينات من العمر. وأفيد أن المحاكمة تتعلق بالشق الخاص بتفجير المركز الأمني لباب الزوار في الضاحية الشرقية من العاصمة، علماً أن الهجوم استهدف في الوقت ذاته أيضاً قصر الحكومة في العاصمة والذي يتواصل فيه التحقيق. وكشف ملف القضية أسماء المتورطين من قادة تنظيم «القاعدة»، كما كشف وجود لائحة أعدها هذا التنظيم بمسؤولين في الدولة وأجهزة الأمن بهدف اغتيالهم. ولم يجد رئيس جلسة المحاكمة غير اتخاذ قرار بالتأجيل إلى تاريخ مقبل، بحكم تخلّف عدد من المحامين في حق المتهمين، بينما حضر دفاع الأطراف المدنية من درك وشرطة وعائلات الضحايا والجرحى. وكان بين الشبان الستة المتابعين بتهمة الدعم والإسناد، شاب شوهد يوم التفجيرات، بحسب تحريات مصالح الأمن، عندما كان بين «فضوليين» تسابقوا لمشاهدة آثار التفجيرات. وقد أُسندت له تهمة الدعم والإسناد وعدم التبليغ، وهي مهمات يطلق تنظيم «القاعدة» على أصحابها «المراسلين» ممن يتولون نقل أعداد الضحايا والجرحى والخسائر المادية لتضمينها في بيانات التبني التي تصدر عادة عن التنظيم. ولم تصدر أي تعليقات عن المتهمين في يمين قاعة المحاكمة واكتفوا بالتبصر في عائلاتهم التي حضرت الجلسة. وشهدت أولى جلسات المحاكمة حضوراً مكثفاً لعائلات الموقوفين أو المتهمين في حال «فرار». وذكر عزي مروان الموكل عن ذوي ضحايا سقطوا في القضية ل «الحياة» أن المحاكمة تتعلق فقط بالشق الخاص بتفجير مقر المقاطعة الشرقية للشرطة القضائية بباب الزوار باستعمال سيارتين مفخختين، فيما يستمر التحقيق إلى اليوم في تفجير قصر الحكومة. وتكشف وثائق المحاكمة أن المجموعة الموجودة رهن الحبس تتكون من «ع م،» (26 سنة)، و «ت ع ق» (26 سنة) و «ح ا» (29 سنة) و «ب م» (20 سنة) و «م ع ك» (25 سنة)، فيما يبلغ العدد الإجمالي للمتهمين 56 فرداً بينهم أمير «القاعدة» في المغرب العربي «أبو مصعب عبد الودود» والمطلوب الرقم 22 في قائمة أخطر مسلحي التنظيم المدعو «بن تيطراوي عمر» الذي قُتل قبل اسابيع في بومرداس (شرق الجزائر). وقالت والدة المتهم من عائلة «معروف» في حديث مع « الحياة» إنها «لم تشهد أي سلوك متشدد» على ابنها. لكنها أشارت إلى «شباب ربما غرروا به بفعل إغراء المال»، إذ ينحدر غالبية المتهمين من «أحياء صفيح» في ضواحي العاصمة. وتعتقد قوات الأمن الجزائرية أن «القاعدة» كسبت تعاون عدد كبير منهم في مقابل إغراءات مادية. وتتشعب تحقيقات أجهزة الأمن، بحسب ملف الإحالة، في كشف الكتائب والسرايا التي تولت تنفيذ التفجيرات الانتحارية منذ تحوّل «الجماعة السلفية» إلى «القاعدة» مطلع 2007، ويتوجه التحقيق من جهة نحو علي ديس الذي يوصف بالمستشار العسكري ل «الجماعة السلفية للدعوة والقتال» وعضو قيادتها والذي قُدّم على أساس الاشتباه في أنه العقل المدبر للعمليات الانتحارية التي استهدفت قصر الحكومة ومقرين للشرطة في العاصمة. ويشير ملف القضية إلى أن العمليتين نفذتا بناء على دراسة مفصلة، وأيضاً بدعم كبير من شبكات الدعم والإسناد التي تعد بمثابة مكتب دراسات للقيادة العليا في التنظيم المسلح، وهذه الشبكات نفسها هي التي أتاحت المجال أمام تقدم التحقيق لكشف المتورطين في التفجرات، إذ أن التحريات أشارت إلى أن غالبية عناصر الدعم فضلت الالتحاق بمعاقل «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» مباشرة بعد تنفيذ الهجمات التي خُطط لها منذ فترة طويلة، على حد قول متهمين. ويبرز في الملف دور تنسيقي قاده المكلف بالعلاقات والاتصال سابقاً في التنظيم «سمير سعيود» المكنى «مصعب القاعدة»، وهو لم يشهد العمليتين لأن أجهزة الأمن اعتقلته قبل اكمال الاستعدادات لتنفيذ الهجمات. كما كشفت التحقيقات قائمة بأسماء مسؤولين كبار في الدولة وعدد من الضباط البارزين وضعتهم «القاعدة» في لائحة المستهدفين بالتصفية. وكُشف أن اسم المدير العام للأمن الجزائري علي تونسي كان على رأس القائمة.