يدرك الرئيس البرازيلي أن دور بلاده في تذليل المشكلة البيئية العالمية حيوي. ففي وسع البرازيل أن تجسر الهوة بين الدول النامية وبين الدول المتطورة، وتصل بين الطرفين. وهي تعد العدة لتأدية مثل هذا الدور. فعلاقات البرازيل وثيقة بفرنسا، وألمانيا والنروج. وتربطها علاقات مميزة بالهند والصين وجنوب أفريقيا. واقترحت البرازيل مشروع اتفاق يجمع نقاطاً بارزة تجمع عليها الاطراف. ولكن المعوقات كثيرة. وثمة مشكلة بارزة تحول دون الاتفاق هي غياب الثقة بين المتفاوضين. وتشارف العلاقات بين الرئيسين الاميركي والصيني على الانفجار. وأعلنت الصين أنها لا تطلب تمويل كلفة الإجراءات البيئية. وهذه نقطة بالغة الأهمية. ويدور الخلاف على رغبة الولاياتالمتحدة في فرض نظام رقابة على السياسات المناخية. وترى الصين أن الرقابة هذه تنتهك سيادتها. ولكن استمرار عملية تقليص غازات الدفيئة ممكن من غير انتهاك حرمة الاسرار الصناعية الوطنية. والمفاوضات تسير القهقرى. ففي بعض المسائل، تراجعت الدول عن اجماعها السابق على حماية الغابات. وثمة اجماع يتبلور على أن تستفيد دول فقيرة وجزر من الموارد المالية الضرورية للتكيف مع التغير المناخي. وفي متناول الدول ضرب موعد لبدء تقليص انبعاثات الغاز العالمية. ونجاح مثل هذا الاجراء هو رهن مراعاة الفروق بين الدول النامية والدول المتطورة، وألا تلزم الدول النامية تقليص الانبعاثات على قدر الدول المتطورة. والغاء اتفاق كيوتو هو في مثابة انتحار، على رغم أن الدول الملتزمة به مسؤولة عن 30 في المئة من الانبعاثات، في وقت تبلغ حصة الهند والبرازيل والصين من الانبعاثات 40 في المئة. وبذلت الدول 8 أعوام من الجهد المتصل في سبيل صوغ نص بروتوكول كيوتو. والنص هذا هو الوثيقة القانونية الوحيدة الملزمة. وقد تنسحب دول مثل اليابان من الاتفاق إذا أُعطيت الولاياتالمتحدة وضعاً خاصاً. والمجتمع الدولي مدعو الى تحديث اتفاق كيوتو للاستفادة من اطاره القانوني، وضم دول جديدة اليه. وأبرز المعوقات أمام المفاوضات هو تحديد حصة كل دولة من التمويل المالي ومخصصاته لتقليص الانبعاثات. فالبرازيل وغيرها من الدول النامية ترفض أن تحملها الدول الثرية شطراً ثقيلاً من تمويل تقليص الانبعاثات. ووقع الرئيس البرازيلي قانوناً يقضي ببذل أكثر من 392 مليون يورو لمكافحة التغيرات المناخية، واقتطاع 10 في المئة من العوائد النفطية للاسهام في تقليص انبعاث غاز الدفيئة. وأغلب الظن أن تكون الخيبة في انتظارنا، في حال لم يبت اتفاق كوبنهاغن في مسائل حماية الغابات، وتوفير التمويل المالي، والمساعدات، وتحديد نسبة تقليص الدول النامية انبعاثات الكاربون 15 - 30 في المئة. وتقترح الولاياتالمتحدة أن تلتزم تخفيض انبعاث ثاني اوكسيد الكاربون 4 في المئة، في 2020. وهذه نسبة لا تذكر، ولا تستحق المناقشة. فهي أدنى من النسبة التي تقترحها البرازيل. *وزير البيئة البرازيلي، عن "لوموند" الفرنسية، 17/112/2009، إعداد منال نحاس