رهنت الحكومة العراقية موافقتها على استئناف عمل اللجان الفنية المشتركة مع طهران بانسحاب القوات الايرانية من الاراضي العراقية بالكامل، وأكدت عزمها مواصلة المفاوضات مع الجانب الايراني، فيما أعلن وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري أن الجهود الديبلوماسية نجحت في حل النزاع على بئر فكة النفطية التي سيطرت عليها القوات الايرانية الجمعة، داعياً الى ترسيم الحدود بين البلدين. وكانت الحكومة العراقية اعلنت امس انسحاب القوات الايرانية مسافة 50 متراً من البئر، الا انها اكدت بقاءها داخل الاراضي العراقية. وفي تصريح الى «الحياة»، قال وكيل وزارة الخارجية لبيد عباوي ان «القوات الايرانية ما زالت داخل العراق. ونحن في انتظار انسحابها في شكل كامل ونهائي»، نافياً تحديد موعد لاستئناف عمل اللجان الفنية المشتركة لترسيم الحدود، لافتاً الى أن «هذه اللجان متوقفة عن العمل منذ فترة وستعاود العمل بعد انسحاب القوة الايرانية من منطقة الفكة». وأضاف ان «الاتصالات مستمرة مع الجانب الايراني وهي تحرز تقدماً ايجابياً مهماً، ولا توجد حاجة لارسال وفد رسمي الى طهران حالياً»، مشيراً الى «إمكان حل الازمة خلال ايام عبر الحوار الديبلوماسي». ونقلت وكالة «فرانس برس» عن عضو في مجلس محافظة ميسان (جنوب العراق) ميثم لفتة ان «الايرانيين انسحبوا من البئر بعدما انزلوا العلم الايراني وابتعدوا مسافة 50 متراً». وأكد ان الايرانيين «ما زالوا داخل الاراضي العراقية». وكان عسكريون وتقنيون ايرانيون سيطروا الجمعة على البئر الرقم 4 في منطقة فكة على الحدود بين البلدين. ونقلت «فرانس برس» عن مصدر امني عراقي أمس ان «القوات الايرانية موجودة حالياً على بعد 50 متراً من البئر، فيما تنتشر قوات عراقية اخرى من حرس الحدود وحماية النفط على مسافة 200 عن البئر من الجانب الآخر». وأكد الناطق باسم وزارة النفط العراقية عاصم جهاد ان «البئر تقع في حقل فكة النفطي العراقي وقد تم طرحها ضمن جولة التراخيص الاولى التي جرت في حزيران (يونيو)» الماضي. وتقع البئر التي تحمل الرقم 4 في حقل «الفكة» النفطي الذي يمثل جزءاً من ثلاثة حقول يقدر مخزونها ب1.55 مليون برميل. وكان وزير الخارجية العراقي صرح، بعد لقائه ورئيس الحكومة نوري المالكي الرئيس حسني مبارك في القاهرة أمس، انه أجرى اتصالات مكثفة على أعلى المستويات خصوصاً مع نظيره الإيراني منوشهر متقي للمطالبة بانسحاب هذه القوات إلى الحدود الدولية، مشيراً الى «معالجة هذا الموضوع وإنزال العلم الإيراني من البئر البترولي في منطقة الفكة في ميسان، وانسحاب القوات الإيرانية». وقال إنه تم الاتفاق على «ضرورة ترسيم الحدود في شكل عملي من جانب لجنة فنية مشتركة عراقية - إيرانية، خصوصاً أن هذا الخلل وقع لكون هذه البئر البترولية غير معروفة»، مؤكداً أنها تقع داخل الأراضي العراقية. وأشار الى أن رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني أبلغ الرئيس مبارك أول من أمس بأنه تم حل هذه المشكلة. وكانت وكالة «مهر» الايرانية ذكرت ان زيباري ومتقي أجريا امس محادثات هاتفية في شأن «سوء الفهم» الحاصل بين قوات حدود البلدين في منطقة فكة، واتفقا على ضرورة تشكيل لجنة فنية حدودية مشتركة بين البلدين لتطبيق التوافقات الثنائية. واعتبر الوزيران ان «تعزيز العلاقات بين العراق وإيران يصب في مصلحة الشعبين والبلدين». الى ذلك صرح النائب عن «جبهة التوافق» رشيد العزاوي ان «رئيس البرلمان اياد السامرائي دعا وزير الخارجية الى حضور جلسة البرلمان غداً (اليوم) لتوضيح مسألة التجاوز الايراني في شكل مفصل»، فيما أعلن النائب عن «التوافق» احمد العلواني ل «الحياة» ان الجبهة «ستطالب بطرد السفير الايراني وتفعيل الاتفاق الامني مع واشنطن لحماية الحدود العراقية». وزاد: «على رغم اننا نستبعد قيام الحكومة بتلك الخطوات، لكن البرلمان يجب ان يقوم بدوره في هذه الازمة التي تعد من ابرز الانتهاكات التي تقوم بها ايران تجاه العراق». وقال النائب عن «القائمة العراقية» عدنان الدنبوس ان «من الضروري تعزيز الامن في العراق من طريق قوات الجيش العراقي وقوات الحدود العراقية لحماية امن ومصالح وأموال العراق لأن موضوع الردود الخجولة لن ينفع في هذا الامر». شعبياً، تواصلت ردود الفعل المنددة ب «الاحتلال الايراني» للبئر النفطية في جنوب العراق، وعقدت مجالس عشائر محافظات الجنوب ونينوى وديالى والأنبار والفلوجة اجتماعات خلال اليومين الماضيين وصدر الكثير من بيانات الاستنكار. كما تظاهر المئات في قضاء الحويجة التابع لمحافظة كركوك منددين باحتلال ايران البئر النفطية.