لا أجيد التملق، وفاشلة جداً في النفاق والمجاملات، وحاولت الابتعاد كثيراً عن الكتابة في موضوع اختيار الوالد أبي متعب كأحد الأشخاص العشرة المؤثرين في العالم، كما أشارت لذلك دراسة مجلة «فوربس» الأميركية، على رغم سعادتي الكبيرة بهذا الاختيار، لأن الوالد يستحقه بجدارة. بعيداً عن السياسة التي لا أفقه فيها شيئاً، وبعيداً عن الإنجازات العالمية والداخلية، والتطور الكبير الذي نعيشه ونراه ونلمسه في مجالات كثيرة على الصعيد العالمي والعربي والداخلي. إذا وجّهت سؤالاً بسيطاً لأبسط إنسان أمي لا يعرف المداهنة ولا التلون عن مشاعره تجاه الوالد، فسيجيبك ببساطة ومن دون مجاملة «نحبه كثيراً»، وسيرفع يديه بالدعوات بأن يطيل الله عمره، وأن يجعله تاجاً على رؤوسنا. ولو سألت سيدة عانت الأمرين، فستفعل الشيء نفسه. أنا شخصياً يعنيني كثيراً أنه كان أول مسؤول رفيع المستوى يعترف بظاهرة الفقر، ويقوم بزيارة الأحياء الشعبية والفقيرة بنفسه. وأذكر جيداً اللقطات التي صاحبت تلك الزيارة التاريخية، وما أحدثته من تبعات أسهمت في رفع المشقة والعوز عن كاهل الفقراء، والتي كان أولها الاعتراف بوجود الفقر، ودراسة المشكلة من جميع النواحي، ثم العمل على وضع الحلول المناسبة لها، وهي خطوات جبارة قد لا يعلم بها إلا من يعمل مع الفقراء من الشعب، وهو الذي يستطيع أن يتلمس التعيير الذي حدث لهم. أعود لتفاصيل الزيارة، واللقطة التي لا تغيب عن عيني حين حاول أحد الأشخاص الاقتراب من سيارة الوالد، وحاول الحرس منعه، فأشار إليهم بتلقائيته وبساطته المعهودة والمعروفة والواضحة أن اتركوه. ربما كانت زيارته لأحد المجمعات في المدينةالمنورة أول بذرة لهذا الحب، وكيف شاهدناه يمشي في المجمع ببساطة متناهية النظير، ويأكل المأكولات الشعبية مع الناس، ومن دون تكلف ولا تكبر. النجاح الحقيقي هو ترك بصمة في قلوب الناس حتى لو اختاروه كإحدى الشخصيات المؤثرة في العالم، يكفي أنه مَلَكَ قلوب شعبه، المتعلم منهم والأمي، الأبيض منهم والأسود، الفقير قبل الغني، المرأة قبل الرجل. تكفي فرحة الأطفال. تكفي الفرص الكبيرة التي سهّلها لأبنائنا وبناتنا المبتعثين والمبتعثات، والعدد الضخم الذي تم ابتعاثه، والذي سيتم ابتعاثه في القريب. يكفي أن نسمع اسمه يتكرر عند حدوث مظلمة لأحد المواطنين أو المقيمين، وهو يردد بثقة «أبو متعب لا يرضى الظلم». وأول ما يفعله هو إرسال برقية مباشرة إلى ديوانه بكل ثقة. إنه سنده وظهره بعد الله. كل عام وأنت في قلوب الناس يا والد الجميع. [email protected]