تتجه المطارات العالمية الى أن تصبح أكثر سرعة وسلاسة وأفضل ربطاً من أي وقت مضى، لجعل الرحلات عبرها أقل إجهاداً للمسافرين الذين سيتضاعف عددهم عالمياً إلى 6.6 مليار عام 2020. وتعمل التكنولوجيا الذكية على مد يد العون في عملية تحوّل المطارات، وذلك من خلال زيادة قدراتها على المعالجة وإدارة العمليات. ويقول الخبراء :»تخيل أنك تقود سيارتك متوجهاً إلى المطار وقد اخترت مكان إيقافها هناك مسبقاً، وأنك ستعلم على وجه الدقة عند وصولك الى المطار أين يجب أن تترك حقائبك، وتخيل أيضاً أنك قادر على تتبع متاعك الشخصي طوال الرحلة، وأنك على دراية بمكان وجود أقصر دور للتدقيق الأمني. وتخيل أنك تعرف تماماً أين تذهب، ومتى تبدأ توجهك نحو بوابة المغادرة انطلاقاً من مكان وجودك، وأن هنالك من يوجّهك إلى الحزام الدائري الصحيح حيث يمكنك استعادة حقيبتك. ماذا سيحدث بعد ذلك، وكيف سيقيم المسافر رحلته؟». ويؤكد الخبراء أن التكنولوجيا الذكية ستمنح المسافرين قدرة أكبر على التحكم بتجربة السفر، ومن شأن المطارات الذكية أن تحدث ثورة في تجربة المسافرين، مع استثمار المطارات في تكنولوجيا الإرشاد اللاسلكي، والهواتف والساعات الذكية، وذلك بهدف تسهيل الرحلة عبر المطار، وهي التي تشكل الجزء الأكثر إجهاداً في أية رحلة جوية محلية أو دولية. ويقول دانيال قريشي، مدير مجموعة المعارض في «ريد إكزيبيشنز» الشرق الأوسط، الشركة المنظِّمة لمعرض المطارات في دبي: «باتت المطارات اليوم منفتحةً على التكنولوجيات الجديدة والذكية أكثر من أي وقت مضى، لأنها أدركت الفوائد التي تعود بها على عملياتها وأدائها وعلى رضا المسافرين». وسيتم خلال معرض المطارات الذي تنطلق فاعلياته تحت رعاية الشيخ أحمد بن سعيد آل مكتوم، رئيس هيئة دبي للطيران المدني رئيس مطارات دبي، بين 11 و13 أيار (مايو المقبل) في دورته ال 15 في مركز دبي التجاري العالمي، جنباً الى جنب مع منتدى قادة المطارات العالمية والمعرض الدولي لتموين المطارات، وعرض آخر ما تمّ التوصل إليه من التكنولوجيات والابتكارات التي سيكون من شأنها تغيير طريقة سفر الناس من المطارات الآن وفي المستقبل. وأضاف قريشي: «المطارات في حاجة الى أن تصبح ذكية لضمان قدرة منشآتها على تلبية الاحتياجات والتوقعات المتطورة للمسافرين، حيث يعتبر وجود التكنولوجيات الذكية مهماً جداً لتقديم تجربة سفر خالية من المضايقات، قد تكون كفيلة بتقديم مطار ما على منافسيه. إن التغيرات في الطريقة التي نسافر بها تتسارع يومياً، والتكنولوجيا الذكية تعد بجعل السفر أكثر سهولة وكفاءة وسلامة. بعض هذه التغيرات بات وشيكاً جداً، وبعضها الأخر يتطلب عقوداً عدة». وتحتاج المطارات إلى تجهيز نفسها للمسافر المتواصل، وذلك وفقاً لمسح التوجّه العالمي للمطارات 2014 الصادر عن شركة «سيتا»، الرائدة عالمياً في مجال الاتصالات الجوية وتكنولوجيا المعلومات. ووفقاً للمسح، فإن من شأن غالبية الاستثمارات التي تقوم بها المطارات، والتي ستصل إلى 6.8 مليار دولار بحلول عام 2020، أن تصبّ في تكنولوجيا المعلومات، مع 33 في المئة لصالح تنفيذ تكنولوجيا الإرشاد اللاسلكي، و84 في المئة لصالح تطبيقات الهواتف الذكية، و16 في المئة لصالح التكنولوجيات القابلة للارتداء، و49 في المئة لصالح تكنولوجيا الحقل القريب. ويشير المسح إلى أن تحسين تجربة المسافرين يبقى القوة الدافعة الأكثر أهمية في الاستثمارات في تكنولوجيا المعلومات، وذلك بالنسبة إلى 68 في المئة من المطارات، حيث تتوافر لدى ما يزيد عن نصف المطارات، برامج ضخمة تتعلق بالخدمة الذاتية وتطبيقات الهواتف الذكية الخاصة بالمسافرين. ويضاف الى ذلك، أن لدى ثلثي المطارات برامج بنية تحتية ضخمة تهدف إلى وضع نظم الاستعمال العام بتصرّف المسافرين، ومنها وحدات عرض المعلومات والإعلانات، وتنفيذ شبكات الواي فاي التي تركز جميعها على تحسين رضا المسافرين. وتفيد تقارير «سيتا» أن 86 في المئة من المطارات تتوقع استعمال غالبية المسافرين عبرها خدمات تأكيد الحضور الذاتية وذلك بحلول عام 2017، وأن 80 في المئة من المسافرين الدوليين سيتمكنون بحلول عام 2020 من الولوج إلى مجموعة كاملة من خيارات الخدمة الذاتية، تتوافر منذ الوصول إلى المطار وإلى حين الانتهاء من منافذ الهجرة والجوازات في مطارات الوجهة النهائية. ويتم حالياً، القيام بالمزيد من الاستثمارات في تكنولوجيا تأكيد الحضور، وشاشات عرض معلومات الرحلات. ويقول الاتحاد الدولي للنقل الجوي (أياتا)، وهو الجهة الدولية المسؤولة عن المطارات، إن الخليط الآخذ بالتوسّع والانتشار والمتضمّن للأجهزة والتطبيقات والشبكات والخدمات، سيفتح المجال أمام عالم جديد تماماً للنظم المتكاملة في بيئة المطارات. وتقول دراسة صادرة عن شركة «ماركيتس آند ماركيتس، إن السوق الدولية للمطارات الذكية ستصل إلى 13.5 مليار دولار بحلول عام 2020، مرتفعة من 9.7 بليون دولار في عام 2014، حيث من المتوقع أن تشهد السوق معدل نمو سنوياً مركباً بنسبة 5.61 في المئة بحلول عام 2020. وتعدّ مطارات الخليج العربي، المطارات الرائدة والمتقدمة في الشرق الأوسط في احتضان الحلول التكنولوجية، التي تهدف إلى تحسين تجربة المسافرين وخفض عناء خدمات العملاء، والأهم من ذلك زيادة المداخيل. وتضمّنت المبادرات الرامية إلى تحويل مطار دبي الدولي إلى الجيل التالي لتجّمعات السفر، استخدام بوابات ذكية مجهّزة بتكنولوجيات مثل النظام الذكي لتحديد الهوية، ونظام بصمة الوجه، ونظام مسح قزحية العين. كما تتوجه مطارات الإمارات العربية المتحدة إلى التنفيذ على مراحل، لنظام المعلومات المسبقة عن المسافرين. وتقع عملية تحسين السعة وضمان العمليات السلسة، في صلب اهتمامات مطارات دول مجلس التعاون الخليجي، التي يتوقّع أن تقوم باستقبال 450 مليون مسافر بحلول عام 2020. ويمكن في هذا الصدد، للتكنولوجيات الذكية مثل تقنيات المعلومات، وتطبيقات الهواتف الذكية، ونظام التحديد بالموجات الراديوية ونظم الأتمتة، أن تمكّن المطارات من بناء شبكة رقمية تصبح بمثابة النظام العصبي لهذه المطارات، ما يسمح لها بتقديم خدمات مختصّة تحسّن من تجربة المسافرين وتخفّض نفقات المطارات في الوقت نفسه.