أوقفت فضائية «القاهرة والناس» المصرية برنامجاً دينياً أثار جدلاً متواصلاً على مدى الأسابيع الماضية، بعد انتقادات مباشرة من الأزهر وضمنية من الرئيس عبدالفتاح السيسي. وطلب الأزهر من هيئة الاستثمار المُشرفة على الفضائيات الخاصة وقف برنامج «مع إسلام» للباحث في التراث الإسلامي إسلام البحيري، وشكاه في بيان إلى النائب العام، معتبراً أن برنامجه «يمس ثوابت الدين ويثير الفتن». ودأب بحيري على مهاجمة فقهاء مثل ابن تيمية، معتبراً أن كتبهم «تحض على العنف والإرهاب»، ووصف كتباً في التراث الإسلامي بأنها «عفنة». وهو أيضاً دائم الانتقاد للأزهر ودعاته، حتى انه اعتبر بعضهم في أكثر من مرة «عبدة لكتب التراث». وبعد شكوى الأزهر، تفجر الجدال وكثرت المناظرات بين المدافعين عن رأي البحيري ومنتقديه، وانشغل الرأي العام بمناظرة استمرت ساعات بين البحيري والداعيين الإسلاميين أسامة الأزهري والحبيب علي الجفري. وقررت إدارة القناة أمس وقف البرنامج. وقالت في بيان: «إعلاء للمصلحة الوطنية واحتراماً لفصيل كبير من الشعب المصري واستجابة للإمام الأكبر للأزهر الشريف في تحكيم العقل عندما يتناول الإعلام مسائل الدين، تعلن إدارة القاهرة والناس أنها لا تشجع المناظرات أو حتى البرامج التي تفرق بين المسلم وأخيه المسلم بعد ما أثبتته من نتائج سلبية على المجتمع والتي ستؤدي حتماً إلى مزيد من الاحتقان والاختلاف في وقت ينبغي أن تتجه إرادة الأمة إلى التوحد والبناء». وأضافت: «لندع علماء الدين وعقول الأمة المستنيرة هي التي تتصدى لقضية تجديد الخطاب الديني، بعيداً من الإعلام المرئي الذي يسعى بطبيعته إلى الإثارة والجدال حفاظاً على وجه الإسلام الصحيح. إن حرية التعبير والتفكير حق دستوري لكل مواطن مصري، لكن (يجب) الالتزام بالمسؤولية وهي أن مصلحة الأمة تعلو كل المصالح». وعزا البحيري وقف البرنامج إلى «خلافات مع القناة». وقال في تعليق عبر صفحته على موقع «فايسبوك» إن البرنامج توقف «لخلافات مع القناة لن أشرح تفاصيلها». واعتبر أن «القادم أسود من أي تصور». واتخذت القناة قرارها بعد ساعات من كلمة لشيخ الأزهر أحمد الطيب في الندوة التحضيرية لمؤتمر «تجديد الفكر والعلوم الإسلامية» التي عقدت أول من أمس، قال فيها إن «تجديد الخطاب الديني يزداد غموضاً وإبهاماً والتباساً من كثرة ما تناولته وسائل الإعلام، بغير إعداد علمي كافٍ لبيان مفهوم التجديد»، معتبراً أن «هناك من يسعى إلى تحويل مؤسسة الأزهر إلى متحف من متاحف التاريخ». وكان السيسي انتقد الجدال الذي يشهده الإعلام في شأن الخطاب الديني وكتب التراث الإسلامي. وقال الأسبوع الماضي: «حين تحدثت عن الخطاب الديني قلت العنوان ولم أدخل في التفاصيل، كي يقوم بهذا الدور مؤسسات الدولة بشكل مسؤول وواعٍ، لكني وجدت حديثاً وتناولاً في الإعلام ليس لمصلحة القضية... الأمر يحتاج إلى جهد مستنير من علماء أفاضل مستنيرين، لا تضغطوا على الرأي العام، ولا تُغضبوا المواطنين لأنه لا يوجد ما هو أغلى من الدين». ثم أكد في بيان لمؤسسة الرئاسة أن تجديد الخطاب الديني «مسؤولية الأزهر».