المثل المصري الشعبي يقول «الرجل تدب مطرح ما تحب»، و«الدب» المقصود هنا في ما يبدو لي مشتق من الكلمة الفصيحة دبيب، ومنها دبيب النمل، وهو صوت خفي ضرب به المثل في الحديث الشريف على الشرك الخفي، وربما كان العشاق في مصر يخطون الهوينى في حارات المعشوقات تماشياً مع المعنى. ويبدو أن اسم الدراجة النارية الشعبي «الدباب» اشتق من فهم خاطئ للكلمة الصحيحة، لكن هذه الآلة المزعجة طبقت المثل المصري على الأرصفة الجميلة التي نفذتها أمانة مدينة الرياض في عدد من الأحياء، فأصبحت «تدب» عليها ما بين موصّل للطلبات يود اختصار المسافات، وبين مراهق «نزهق» لم تكفه الصحارى التي تدفننا بالغبار، فطفق يقود دراجته المخصصة للرمل على هذه الأرصفة معرضاً الآخرين للخطر. وتبدو استباحة الأرصفة ثقافة متأصلة، فإذا سلمت ممن يعرض عليها بضاعته أو لوحته الدعائية، لم تسلم من واقف بسيارته عليها، أو ممن ذكرت أعلاه من الفئتين اللتين تطربان بالإزعاج الصادر من الدراجة النارية، وهذا ربما أمر تشترك معهم مؤسسات الإنتاج فيه، بسبب إفساد الذائقه السمعية وتسمية بعض الصراخ والنواح و«الاستهبال» في الأغنية العربية باسم الطرب. وبفكر المؤامرة قد تبدو شركات الصناعات المعدنية وراء تحريض هؤلاء على استباحة الأرصفة، بغية أن ترسي عليهم الأمانة مناقصة تأمين مليون لوحة معدنية يكتب عليها «للمشاة فقط» في المرحلة الأولى، ثم «استحوا على وجيهكم» في المرحلة الثانية مترجمة إلى البنغالية والأردو والتركية. والسؤال هنا، أين علاقة الحب المصرية أعلاه بالممارسة «الرصيفية»؟ فأقول مستعيناً بابن حجر وثلة من الرومانسيين «التوالي»، إن ممارستهم هي دليل على محبة الاثنين، إما لأمانة مدينة الرياض على إنجازها لهذه الأرصفة الواسعة الجميلة، أو للمرور على عدم صرامته معهم، وتطبيق غرامات أو عقوبات أقلها مصادرة الدراجة، أو للمشاة على عدم رمي حجر أو ما شابه في طريقهم لكسر أرجلهم واتلاف دراجاتهم، فأغرقونا بالحب و«دبوا بدباباتهم» في مشهد مزعج يتفاقم يومياً، خصوصاً من موصلي الطلبات.