برزت خلافات بين نواب «حزب المجتمع الديموقراطي» الكردي الذي أمرت المحكمة العليا في تركيا بحلّه لاتهامه بالارتباط ب «حزب العمال الكردستاني» الانفصالي المحظور. جاء ذلك في وقت حضّ رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان على الوحدة، بعدما أدَّى قرار حلّ الحزب الى حصول مواجهات عنيفة في المدن التركية. وقال رداً على سؤال عن خطط حكومته لمواصلة اصلاحات تستهدف انهاء عقود من الصراع مع الاكراد: «سنتجاوز هذه المشاكل ما دامت أمتنا متحدة ومتضامنة». ودعا الى «عدم تضخيم هذه الأحداث او تصويرها على أنها حرب داخلية، لأن ذلك يخدم أنصار العنف والتطرف». وعقد «حزب المجتمع الديموقراطي» اجتماعاً في ديار بكر جنوب شرقي تركيا، شمل قياداته وكل اعضائه، من اجل مناقشة خطوتهم المقبلة بعد قرار المحكمة العليا وإعلان رئيس الحزب احمد ترك انسحاب نوابه من البرلمان، على رغم ان الحظر السياسي لم يطاول 19 منهم. وعُقد الاجتماع في اجواء خلاف بارز ظهر واضحاً في تصريحات قيادات الحزب، اذ اكدت النائب امينة اينا وهي محسوبة على جناح الصقور، ضرورة استقالة كل النواب من البرلمان والضغط من أجل اجراء انتخابات تكميلية تكون بمثابة استفتاء شعبي على حظر الحزب وعلى مشروع الحكومة لتسوية القضية الكردية، بينما يصرّ ترك على انه قرر سحب نوابه من البرلمان ومقاطعة جلساته فقط، فيما اعترض آخرون على فكرة الاستقالة او الانسحاب. وكان زعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله اوجلان القابع في سجن امرالي، أمر مسؤولي «حزب المجتمع الديموقراطي» بتشكيل حزب سياسي جديد تحت اسم «السلام والديموقراطية» والعودة الى البرلمان تحت مظلة هذا الحزب، بعد انتقال كل نواب الحزب القديم اليه، لكن بعض قيادات الحزب تفضّل الانتظار قليلاً قبل اتخاذ هذه الخطوة، من اجل استثمار غضب الشارع الكردي سياسياً الى أقصى درجة. وتراهن اوساط سياسية تركية على ان يؤدي هذا السجال والنقاش السياسي بين قيادات «حزب المجتمع الديموقراطي» الى مراجعة حساب عن سياسات الحزب في السنوات الاربع الماضية والتي أدَّت في النهاية الى حظره. لكن مقربين من نواب الحزب يرجّحون ان يلتزم الجميع بتعليمات اوجلان، من باب التأكيد مجدداً على ان اوجلان هو المخاطب والممثل الفعلي للأكراد في تركيا. وطالب النائب الكردي حسيب قبلان بخروج اوجلان من السجن كي يمضي عقوبته في حبس منزلي، في مقابل عودة الهدوء الى الشارع الكردي وتجاوز ازمة حظر «حزب المجتمع الديموقراطي». وفرّقت الشرطة بالقوة امس، حوالى 10 آلاف متظاهر نددوا في ديار بكر بحلّ «حزب المجتمع الديموقراطي». في بروكسيل، اعتبرت المفوضية الاوروبية ان «قرار المحكمة الدستورية قد يحرم قسماً كبيراً من الناخبين الاتراك من تمثيل انتخابي، هو شرط ضروري لانفتاح ديموقراطي يكلل بالنجاح». واسفت المفوضية «لكون الحزب رفض في استمرار الابتعاد في شكل واضح عن حزب العمال الكردستاني وادانة الارهاب». واعلنت باريس «تمسكها بالتعددية» في تركيا، داعية أنقرة الى مواصلة «الانفتاح الديموقراطي».