إن كان مطر الأربعاء فرق أسراً وشتت أحبة فإنه جمع أم طلال بعمها الكفيف بعد غياب دام سنين طويلة، وبعد أن فقدت منزلها وجدت نفسها تسكن شقة مفروشة إلى جوار عمها صدفة. تقول أم طلال: «لم أصدق عيني حين لمحت أحد أبناء عمي والمفاجأة أن شقتي كانت مجاورة تماماً لشقتهم». وفيما تسترجع أم طلال أحداث الأربعاء الأسود كما تسميه تجلس بجوار عمها سعد الله الذي يستمع إليها بإنصات، وكأن نبرة صوت ابنة أخيه توقظ ملامحها في ذاكرته المليئة بالأصوات والصور العتيقة. تقول أم طلال: «على رغم أن المطر كاد أن يقتلني إلا أنني شعرت أنه يخبئ في كنفه حياة جديدة لي، وفيما بعثر السيل كل ممتلكاتي ألا أنه استطاع أن يلم شتاتي أنا وعمي وأسرته»، ويلتقط سعدالله الحديث من فم أم طلال مضيفاً: «كنت نائماً ولم يوقظني إلا صوت المطر وما كدت أستوي واقفاً إلا وقدماي تخوضان في الماء، تلمست طريقي بالكاد لأطمئن على أولادي وبناتي قبل أن ننجو بأنفسنا تاركين وراءنا بيتنا الشعبي بكل مافيه». ويتابع الرجل السبعيني: «لسنوات طويلة فرقنا الزمان أنا وأبناء وبنات أخي حتى شاء الله أن يسوق لنا هذا السيل ليلم شتاتنا من جديد، لطالما كنت أردد رب ضارة نافعة كما أن فقدان بصري علمني أن النور دائماً ينبثق من حلكة الظلام».