رعى الرئيس اللبناني ميشال سليمان ممثلاً بالوزير جان أوغاسبيان عصر أمس، القداس الذي دعت إليه قيادة الجيش في الذكرى الثانية لاستشهاد اللواء الركن فرانسوا الحاج في كنيسة مار الياس في أنطلياس، بحضور النائب أيوب حميد ممثلاً رئيس المجلس النيابي نبيه بري، والوزير فادي عبود ممثلاً رئيس الحكومة سعد الحريري. وحضر القداس عدد من الوزراء والنواب يمثلون جميع القوى السياسية، فضلاً عن ممثل قائد الجيش العماد جان قهوجي. كما حضر مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء أشرف ريفي ومدير عام أمن الدولة العميد إلياس كعيكاتي، وممثل عن قائد القوات الدولية العاملة في الجنوب (يونيفيل)، وأفراد عائلة الشهيد. وألقى كلمة البطريرك الماروني نصرالله صفير مطران صور نبيل الحاج وجاء فيها: «نحن شهود يا فرانسوا أنك أحببت حتى أفديت بحياتك، لقد قضيت العمر في كنف الوالد، في المنزل الزوجي في المؤسسة العسكرية، وفي كل مكان، وأنت تحب وتعطي، وكان شعارك عليك بالحب، ان الحب وحده يفتح أمامك الأبواب المغلقة». وأضاف: «عشت ودمك على كفك الى أن صرت قرباناً قدم فداء عن أخوتك اللبنانيين كافة. أنت بذلت حياتك دفاعاً عن الحق وعن الوطن. أرادوك مشروع ضحية، أما أنت فشئت أن تكون مشروع تضحية. نال الفائزون من جسدك ولم يطاولوا روحك الحرة التي تستمد بهاءها من شموخ أرزة تحتضن الآن صباحك الباسل. روح العزة والإباء عند اللبنانيين أرادوا كسرها لكنها لم تخدش، ومعنويات المؤسسة العسكرية لم تُشعر باستشهادك، بل دماؤك يا سيادة اللواء الركن شدت بنيان الجيش وحولته الى حصن، ورفاق السلاح الذين أخذتهم الى النصر، أشداء، أشداء، لم يخفهم يوماً الموت فداء عن لبنان، هم يعرفون أنه أمانة في أعناقهم». وتابع: «لن يفهم سر عطائك العظيم إلا من يعودون الى الخلية التي تربيت عليها في عائلة الحاج في رميش الحبيبة، وفي الجنوب المقاوم، من هذه الينابيع نهلت، شربت حب الوطن مع الحليب فعرفت معنى قداسة الحرب وتعلمت حب الجيش فأصبحت القيم التي قام عليها من شغف ووفاء وتضحية غذاءك اليومي الى أن صرت بدورك خميرة طيبة تخمر الآخرين بالقيم والأخلاق الرفيعة. آمنت حتى النهاية، أنت التضحية حتى الدم، قدر العسكريين ولبنان يستحق منكم التضحية والشهادة. لقد أصبح الجيش بعطاءاته وشهدائه وبعنفوانه ونضاله، بوعيه لمهماته ولوحدة عديده حارس الذاكرة والوجدان، أميناً لإرث الآباء المؤسسين لاستقلال هذه البلاد، راسخاً رسوخ الأرز في وجه رياح العصبيات والمذهبيات والانتماءات الفئوية. نعم ستبقى يا سيادة اللواء مع الجيش الباسل تحرس ذاكرتنا من التصدع والانقسام والضياع». وزاد صفير: «أنت لهم ولكل المخلصين شاهد ومعلم ونجمة رجاء. وحده الرجاء يعزينا ساعة يشتد بنا الحنين لضمك لسماع صوتك، لتكحيل العينين بمبسمك الحلو. كن لنا دائماً شعلة رجاء لا تنطفئ. فالغيوم لم تنقشع بعد تماماً من سماء لبنان، وما زلنا نستقوي على بعضنا لا ببعضنا، رجاؤنا أن تكون باستشهادك قد انطوت صفحة قديمة صفراء من تاريخ هذا الوطن وأطلت صفحة جميلة لها ألوان الحب والصفح وتنقية الذاكرة لتغيير مجرى الحياة وترسم درب غد لهذا الوطن الرسالة، رد يا رب كل غيوم الفرقة والانقسام عنا». ووزع خلال القداس كتيب يركز على مراحل في حياة الشهيد ابتداء من رفضه التعامل مع العدو وجيش سعد حداد والتحاقه بقيادة الجيش، ودوره في معارك نهر البارد وانتصار الجيش على تنظيم «فتح الإسلام». وسأل إيلي نجل الحاج في كلمة: «مَنْ قتل اللواء الحاج ولماذا؟». وزاد ان هذا السؤال «ما زال يشغل بال العائلة واللواء الحاج كل يوم عند الساعة السابعة والسبع دقائق»، لافتاً الى أن السؤال «برسم جميع المسؤولين اللبنانيين لمتابعة هذه القضية حتى الوصول الى القتلة ومعاقبتهم». وشكر الحاج كل الذين وقفوا الى جانب العائلة منذ اغتيال والده. وألقى عضو المجلس العسكري اللواء الركن نبيل قرعة كلمة قيادة الجيش التي نوّه فيها بمسيرته، معتبراً أن الجيش فقد باستشهاده واحداً من خيرة الضباط الذين عرفهم في تاريخه. وأضاف: «ضريبة الدم الباهظة التي قدمها الشهيد الكبير مع كوكبة من رفاقه على يد الغدر والإرهاب، زادت من تماسك المؤسسة العسكرية ومناعتها كما شكلت حافزاً لتوحيد المواطنين والتفافهم حولها في مواجهة الإرهاب بمختلف أشكاله، فكان الجيش عند وعد رئيس الجمهورية ميشال سليمان وإصرار قائده العماد جان قهوجي بوجوب العمل ليل نهار على اقتلاع أشواك هذا العدو الخطر، إذ استطاع تفكيك العديد من الشبكات الإرهابية».