اعتبر رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، الذي أدخل بلاده مع الولاياتالمتحدة في الحرب ضد العراق عام 2003، ان اجتياح هذا البلد كان مبرراً حتى وإن لم يتبين وجود اسلحة دمار شامل فيه، وهو السبب الذي استخدمته واشنطنولندن لتبرير الغزو. وقال بلير، في مقابلة مثيرة تبثها محطة التلفزيون البريطانية «بي بي سي» اليوم (الأحد)، انه كان سيتخذ قراراً بغزو العراق حتى من دون التوصل الى أدلة بأن نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين كان يملك اسلحة دمار شامل، وأقر بأنه «كان سيتعين عليك استخدام ونشر حجج مختلفة في شأن طبيعة هذا التهديد» لتبرير العمل العسكري. وجاءت تصريحات بلير المثيرة للذهول عشية الاستماع الى افادته أمام لجنة التحقيق البريطانية برئاسة السير جون شيلكوت. وكانت اللجنة استمعت الى مسؤولين وديبلوماسيين وعسكريين سابقين أكد بعضهم أن بلير أعطى موافقته للرئيس الأميركي السابق جورج بوش على مشاركة بريطانيا في الحرب على العراق قبل أكثر من سنة من الغزو، علماً بأن بلير كان قد أبلغ مجلس العموم البريطاني قبل أشهر من الغزو عدم وجود قرار بالمشاركة بعد. واعتبر رئيس حزب الأحرار الديموقراطيين مانزيس كامبل، وأحد أبرز المعارضين للحرب، ان اعترافات بلير تؤكد انتهاكه القانون الدولي وعدم التزامه الشرعية الدولية لأنه اتضح انه كان مصمماً على مشاركة بريطانيا الولاياتالمتحدة في غزو العراق بغض النظر عن امتلاك صدام حسين أسلحة دمار شامل أم لا. وقال بلير في مقابلته مع ال»بي بي سي» ان «الفكرة كانت ان صدام كان يمثل تهديداً للمنطقة، وبالتأكيد كان تطوير اسلحة دمار شامل جزءاً من هذا التهديد، وقد استخدم اسلحة كيماوية ضد شعبه بالذات، وهذا بالطبع أهم ما كان في ذهني» معتبراً ان امتلاك العراق اسلحة دمار شامل لم يكن سوى احد العوامل وراء قراره. ورداً على سؤال حول ما اذا كان سيزج بلاده في الحرب في آذار (مارس) 2003 حتى وإن لم يكن صدام يملك اسلحة دمار شامل، أجاب بلير «كنت سأستمر في التفكير ان اطاحته أمر صائب. بالتأكيد، كنا استعملنا وأعددنا حججاً مختلفة حيال طبيعة التهديد» لتبرير الغزو. وبالنسبة الى صدام، اضاف رئيس الحكومة البريطانية السابق (1997-2007) «لا يمكنني حقيقة ان افكر اننا كنا سنكون في افضل حال ان كان هو وولداه لا يزالون في السلطة. انه امر صعب فوق الحد. في النهاية كان يجب ان اتخذ قراراً». وأضاف انه كان يدرك ان بعض البريطانيين يعارضون قراره وأن آباء بعض العسكريين البريطانيين الذين قتلوا كانوا غاضبين. وأضاف»انني اتعاطف مع الأشخاص الذين عارضوا ذلك لأسباب قوية تماماً ويعارضونه الآن. ولكن بالنسبة إلي في نهاية الأمر كان علي ان اتخذ القرار. ليس هناك جدوى من دخول صراع وعدم ادراك ان هناك ثمناً سيدفع». وقال ان كثيرين في القوات المسلحة، بمن في ذلك الذين فقدوا أحبة لهم في افغانستان او العراق «فخورون غالباً بما فعله ابناؤهم وفخورون بالقضية التي يحاربون من اجلها». ونفى بلير، الذي تحول الى الكاثوليكية الرومانية بعد استقالته في 2007، ان يكون الدين قد لعب دوراً في قراره بإرسال قوات الى مناطق الصراع ولكنه اعطى قوة. وقال»اعتقد ان من المهم ان تتخذ القرار كما كان على اساس ما ترى انه صواب لأن ذلك هو الوسيلة الوحيدة لتفعل ذلك. وأضاف «يعتقد الناس احياناً ان معتقداتي الدينية لعبت دوراً مباشراً في بعض من هذه القرارات. والأمر ليس كذلك في الحقيقة». وتبث هذه المقابلة في وقت تتواصل في لندن الجلسات العلنية في التحقيق حول مشاركة بريطانيا في الحرب العراقية والتي سيدلي خلالها بلير بشهادته العام المقبل. وفي صلب التحقيق «الملف» الشهير، كما يسمى بالإنكليزية، الذي قدمه بلير في 24 ايلول (سبتمبر) 2002 وأكد فيه ان العراق كان يملك اسلحة دمار شامل يمكن نشرها في خلال 45 دقيقة. وتبين بعد ذلك ان هذا الملف كان مبالغاً فيه وقد اضيفت اليه عبارة 45 دقيقة. ولم يعثر على اي اسلحة دمار شامل في العراق بعد اجتياحه في 2003 من قبل الأميركيين والبريطانيين. واعتبر ائتلاف «ستوب ذي وور» (اوقفوا الحرب) ان تصريحات بلير تشكل «اعترافاً بجرائم حرب». وأضافت المنظمة غير الحكومية في بيان ان «مهاجمة بلد آخر بهدف تغيير النظام فيه عمل عدائي غير قانوني وفق القانون الدولي». وتابعت انه «ما كان لحكومة توني بلير ومجلس العموم ان يوافقا على (شن) حرب لو اعطى بلير هذا السبب». وطالبت المنظمة بالبدء ب»ملاحقات قضائية» بحق بلير «في حال كرر هذا الاعتراف امام التحقيق (الجاري) في شأن العراق».