شكلت النتائج النوعية التي حصدتها كرة القدم اللبنانية للصالات "فوتسال" وآخرها إحراز تصفيات غرب آسيا وتأهله للنهائيات القارية، سيراً عكس التيار نظراً لتخبّط "اللعبة الأم" في مشاكل كثيرة وافتقارها إلى موارد مالية تنعش أنشطتها وتبلورها وتطورها. لكن كرة الصالات اللبنانية التي نمت بسرعة فائقة فرضت إيقاعها ورسخت وجودها وأضحت الرياضة الواعدة، كما باتت منتخبات البلدان الإقليمية والقارية تحسب لها حساباً. لقد سلطت هذه التصفيات أكثر الأضواء على المنتخب اللبناني إدارة وجهازاً فنياً، وتخطى صيته النطاق الضيق، وأول غيث الشهرة اختيار مدربه دوري زخور ولاعبه خالد تكه جي للمشاركة مع منتخب نجوم العالم الذي سيحلّ ضيفاً على نظيره البرازيلي في مباراتين استعراضيتين تقامان يومي 27 و28 الجاري في مدينتي ناتال وريسيفي، بمناسبة إختتام موسم كرة الصالات. وتألق تكه جي (لاعب بروس كافيه بطل الدوري المحلي ومتصدر ترتيبه) في شكل كبير مع منتخب لبنان الذي أطلقه إلى النجومية حتى قبل انطلاق دوري الصالات (دخل موسمه الثالث). وهو شارك في غالبية الاستحقاقات الإقليمية والقارية، وكان أحد أبرز أعمدة مجموعة المدرب زخور، ولفت الأنظار غالباً بمهاراته وطريقة لعبه الاستعراضية، واستحق عن جدارة جائزة أفضل لاعب في بطولة العرب العام الماضي. كما حاز تكه جي الذي تلقى خبر اختياره عشية عيد ميلاده ال23، سمعة طيّبة خارجياً، خصوصاً على الصعيد الآسيوي حيث برز دائماً في التصفيات وبطولة القارية، لذا عندما قرر الاتحاد البرازيلي اختيار لاعبين دوليين للمشاركة مع منتخب "كل النجوم" ضد البرازيل بطل العالم في مباراتين استعراضيتين، وجد في تكه جي المؤهلات اللازمة لمناسبة من هذا النوع، نظراً لأدائه الاستعراضي الذي يمتع الجمهور. ويشير عضو اللجنة العليا في الاتحاد اللبناني رئيس لجنة كرة الصالات سيمون الدويهي إلى أنه تلقى رسالة أولى لترشيح لاعبٍ يمثل لبنان مع منتخب العالم في مباراتين تستضيفهما البرازيل، "فكان تكه جي أحد المرشحين إلى جانب قائد المنتخب هيثم عطوي، لكن خيارنا ذهب بعدها في اتجاه الأول كونه يملك أفضلية بحكم عدم مشاركته في مباريات دوري الدرجة الأولى، بينما يرتبط الثاني مع الصفاء، وبالتالي سيكون من الصعب عليه التغيّب عن فريقه مدة خمسة أيام على الأقل وعشية المواجهة مع الإصلاح برج الشمالي في 27 أي يوم المباراة الأولى في البرازيل". وزاد: "ثم جاء التأكيد عبر مسؤول العلاقات الخارجية في الاتحاد البرازيلي فرناندو فرنانديس، الذي أبرق إلينا رسالة تطلب منا الموافقة على سفر تكه جي إلى للمشاركة في المباراتين". ويؤكد الدويهي أنه لم يتفاجىء بهذه الدعوة "لانه سبق أن أكدّ لاعبونا علوّ كعبهم على الساحة الدولية وحازوا سمعة جيدة وصلت إلى بقاعٍ مختلفة من العالم، وذلك بفضل النتائج المميّزة للمنتخب اللبناني عربياً وآسيوياً". بذل الجهد ويعد تكه جي (1.75م، 69كلغ)، الذي كانت بدايته في الملاعب مع النجمة (2003 – 2007)، ببذل الجهد "لتقديم أفضل ما عندي على الساحة العالمية وعكس صورة مشرقة عن كرة الصالات اللبنانية، وإظهار ما وصلنا إليه بعد سنوات من العمل الدؤوب إذ خضنا استحقاقات مهمة مع المنتخب وأنجزناها مرفوعي الرأس". واعتبر أن اختياره للمشاركة مع منتخب نجوم العالم هو أفضل شيء حصل في مسيرته. وعن مدى إمكان تطور اللعبة في ظل غياب التطور في اللعبة الأم، قال تكه جي: "لا أريد ربط اللعبتين على رغم أن مبدأ الاحتراف يغيب عنهما حالياً، لكنني أكيد أن اللاعب اللبناني يمكنه تحقيق المستحيل في ال"فوتسال" في حال احترف اللعبة وركّز عليها دون أي شيء آخر". وأشار تكه جي إلى أن تصفيات غرب آسيا لم تكن سهلة "بل حملت كل مباراة صعوبات عدة، لكن بفضل جهود اللاعبين وسهر الجهازين الفني والإداري على تأمين كل ما يلزمنا تخطينا العوائق وعبرنا إلى بطولة آسيا بطريقة رائعة". ويعتبر زخور، الذي سيكون مدرباً مساعداً للأرجنتيني "المخضرم" فرناندو لارانياغا (65 سنة) والكرواتي ميكو مارتيتش (45 سنة) اللذين سيقودان منتخب نجوم العالم، تكه جي أحد أبرز العناصر في تشكيلته. ويضيف: "اعتمد عليه غالباً في لحظات حساسة، ويكون دائماً على حجم التوقعات مهدياً انتصارات عدة إلى لبنان. مشاركتنا في الحدث الأهم في كرة الصالات لسنة 2009 يعدّ مهماً جداً لأنه وضع لبنان على الخريطة العالمية، بين أهم البلدان التي تزاول هذه اللعبة والتي تملك أصلاً تاريخاً عريقاً في كرة القدم. سأكون الى جانب خالد هناك، متمنياً له التوفيق ومستعداً لتأمين كل ما يلزمه فنياً ولوجستياً من أجل تمثيل منتخبه وزملائه وبلده على أفضل وجه". ضغط... وإشادة يلفت المنسّق الإعلامي لأنشطة كرة الصالات شربل كريّم، على أنه منذ وصول منتخب لبنان إلى الدوحة، تهافتت وسائل الإعلام سريعاً إلى مقرّ البعثة للحديث مع أفرادها. وهي اتفقت حتى قبل انطلاق التصفيات (مطلع تشرين الأول/أكتوبر الماضي) على أن المنتخب اللبناني هو المرشح الأوفر حظاً للظفر باللقب، مستندة إلى تصريحات مدربي المنتخبات الأخرى، ما أوجد فضولاً كبيراً عند الجمهور الذي حضر لمتابعة مباريات لبنان والتمتع بكرة صالات جذابة. وفي موازاة تخصيص الصحف القطرية صفحات للمسابقة وتسليطها الضوء على المنتخب القطري أكثر من أي منتخبٍ آخر، فان المنتخب اللبناني اخذ الحصّة الأكبر من الإشادات في مختلف وسائل الإعلام. أما بالنسبة إلى تكه جي، يتابع كريّم، "فقد انتابنا القلق مخافة من أن يفقد تركيزه بفعل الاهتمام الإعلامي غير العادي به، حتى أن بعضهم كان مهتماً بالحصول على تصريح منه بين شوطي المباراة. ووصفته صحيفة "الراية" ب"الساحر"، وقد منحه كاتب المقالة لقب الأفضل آسيوياً، مضيفاً "بإمكانه التحكّم بالكرة بقدميه وكأنه يحملها بيديه!". كما اجتهدت الصحف القطرية الأخرى في التأكيد بأنها تفاجأت بأن الكرة اللبنانية يمكنها تقديم لاعبين يتمتعون بمهارات تكه جي وزميله عطوي، وأورد بعضهم معلومات حول استعداد الأندية القطرية لتقديم كل ما يلزم للحصول على خدماتهما، فيما أشار آخرون إلى أن مدرب البحرين البرازيلي غوغا أكد أنه سيوعز إلى كل نادٍ بحريني التعاقد مع لاعب من منتخب لبنان من أجل رفع مستوى المنافسة محلياً. أما جاسم حسين وهو مقدّم برنامج "جرايد" في قناة "الدوري والكأس" فقد اعتبر أن المنتخب اللبناني يشكّل حالة استثنائية في بلد لم يعرف الإنجازات في عالم المستديرة. أما سرّ هذا التميّز اللبناني فيكمن في في السعي الدائم للتطور، والإصرار الموجود عند لجنة كرة الصالات التي لم توفّر جهداً لرفع مستوى اللعبة منذ إطلاقها رسمياً. ويبذل رئيس اللجنة سيمون الدويهي قصاراه لتوفير التسهيلات أمام اللاعبين ليشعروا بالاستقرار ويقدّموا أفضل ما عندهم. كما يقف مسانداً لأي نادٍ عند مواجهته مشكلة ما خلال الموسم. ولا يمكن نسيان الدور الفني الذي يقوم به المدرب زخور الذي يواكب مباريات الدوري اللبناني، وهو بطبيعة الحال أكد تفوّقه الفني في استحقاق الدوحة، في مواجهة مدربين أصحاب مستوى رفيع. منتخب نجوم العالم * مصطفى نصاري (إيران)، سانتياغو ايلياس (البرازيل) * خوسيه سانتندير (باراغواي)، سانتياغو بلانكيدر (اوروغواي) وفراين دسبوتوفيتش (كرواتيا) * تاماش لودي (هنغاريا)، خالد تكه جي (لبنان)، سانتياغو بازيلي (الأرجنتين)، محمد طاهري (إيران)، ألفريدو أورتيز(باراغواي) وفؤاد عمراني (المغرب) * محمد رحوما (ليبيا)، وحيد شمساعي (إيران)، وأنجيلوت ألكسندر (كولومبيا)