بعضهم كالنار. وقلّة منهم كالنّور. ومنهم من يشبه الفحم، وقلة من يحوّل فحمه إلى وميض وجمر... ومن الناس ثمار، حلو ومرّ.. حامض ومالح، وبعضهم لديه قشرة فوق وجوههم، جافة أو طرية، إنّما القشور ليست هوّيتهم، فالصّبار قشرته شائكة ولبّه لذيذ، وبعضهم لهم وجوه الحمام، وفي العتمة العقارب أقلّ سُّماً منهم. ومنهم الانتهازي: «يستمع إلى أفكارك، ويسبقك إلى تنفيذها» ومنهم عظماء، تشعر حين تجالسهم بأنك أنت العظيم. ومنهم لصوص كبار «يصنعون شباكاً وفخاخاً للقبض على اللصوص الصغار». ومنهم من يتقدّم ولا يفرّق بين السفح والجبل، وبعضهم كالمطاحن لا يفرقّون بين القمح والتبن، وبعضهم إذا عاشرته فستدفع ثمناً غالياً، ومَن يرغب بالعيش مع الخنازير والضفادع فعليه أن يتحمّل روائحها ونقيقها... وبعضهم كالمناشير يقطعون في الذهاب وينشرون في الإياب، وصعب إصلاحهم «كالمنجل المعوّج إذا قوّمته صار سكّيناً». ومنهم من يخون الآخرين في كل يوم، ويصعب اكتشاف خياناته، ومنهم الأمين المغضوب عليه في كل يوم بسبب أمانته ومحافظته على شرفه. وبعضهم كالدواء، وآخرون كالدّاء، ونادرون كالهواء الذين لا يمكننا الاستغناء عنهم أبداً. وبعضهم كالبصل جلودهم قشور، وباطنهم قشور. وآخرون كالأقلام أداة في الأيدي، وبعضهم رصاص، ينتظر الانطلاق، وبعضهم أهداف ينتظر من يُصيبه. ومن الناس جبال. ومنهم كهوف ومغاور، ومنهم قمم شامخة بصمت، تنظر بامتنان إلى الوادي الذي خرجت منه، وإلى السهل الذي يحملها ويتحملّها دون أي مقابل. «وبعضهم يدور في حلقة، مركزها نفسه ومحيطها شهوته، وبعضهم كالأسمنت المبلل، أي شيء يسقط عليهم يترك أثراً». ومنهم زهر بلا ثمر، وسواقٍ بلا ماء، وغيوم بلا رعد أو مطر، وقمم عالية، ولكن بعضها جاف وصلب ولا يحمل فوق سفوحه سوى الحصى والغبار، وأيادٍ ذات بشرة ناعمة، لكنها سامّة كالأفاعي، وتنتظر الفرصة للانقضاض والعض. وقد نجد كثيراً منهم ذوي وجوه جميلة وساحرة، لكنِ الجمال والسّحر اللذين يخفيان أحياناً الغدر والخيانة، والشّر والنّميمة، ألسنتهم خناجر، وصمتهم مؤامرة، وكلامهم رصاص وبارود... «وبعضهم أموات في حياتهم، وآخرون ببطن الأرض أحياء، ومنهم كالمعادن، منها الأصيل، ومنها الرّديء»، منها «التنك» ومنها الذهب، ومنها خليط من هذا وذاك. وبعضهم أصوات، وآخرون صدى، ومنهم كبار تهتدي بصحبتهم، ومنهم جهلة فاسقون، صحبتهم شؤم، والسّكن بينهم كالسكن مع فئران وصراصير. ومن الناس من يماثل الأرنب في جبنه، والثعلب في احتياله، والأفعى في خُبثها، لكن قلَّ منهم مَن له سلامة الأرنب، وذكاء الثعلب، وحكمة الأفعى. «وما أشبه بعض الناس بالإسفنج؛ لا تأخذ منهم إلا بمقدار ما امتصُّوه منك»! * كاتب سوري.