يصعب الفصل بين الملابس وثقافة المجتمعات في شكل عام، وبخاصة في بلاد يطبعها الزي التقليدي، أو يتميّز بها، ليصبح محط إعجاب من مجتمعات بعيدة كل البعد منها. هذا ما ينسحب على كثير من البلاد الآسيوية في شكل خاص، خصوصاً أن أوروبا التي كانت سبّاقة في الانفتاح على عالم الموضة وريادته، وضعت «أعرافاً» للملابس والقصّات وتصدّرها إلى المجتمعات الاستهلاكية التي ترتدي من دون اعتراض. الصورة النمطية للموضة تبدو مختلفة في أسابيع الموضة الممتدة حول العالم، وبخاصة لجهة المحافظة على الملابس التقليدية ومحاولة إبرازها في الحلّة الأبهى من جهة وليثبت هؤلاء المصممون أنهم قادرون على منافسة التصاميم العالمية. في الصين، مزج مصممون شباب بين التاريخ والهندسة المعمارية والتراث الشعبي والمطبخ، وقدموها بطريقة مبتكرة تجمع بين الخياطة التقليدية واليدوية مع الأبعاد الثلاثية، وتكنولوجيا الأقمشة والخامات الحديثة، ليخوضوا بابتكاراتهم الجديدة مسابقة تصميم الأزياء للمواهب الصينية الشابة التي أقيمت في افتتاح أسبوع الصين للموضة لموسم خريف وشتاء 2015-2016 الذي نظمته مرسيدس بنز ضمن لائحة مهرجان الموضة العالمية في أواخر آذار (مارس) الماضي، في مقاطعة دونغ شينغ حيث شارك 28 مصمماً هاوياً من جنسيات وبلدان مختلفة في مسابقة «هيمبل اوارد تشاينا انترناشيونال ديزاينرز كونتست» بنسخته ال 23 والتي حملت اسم صورة المدينة تحت رعاية منظمة «تشاينا فاشن» وفريق «هيمبل». وقد استضاف أسبوع الصين للموضة في دورته الأخيرة 41 ماركة محلية وعالمية وقدم عروضاً لإبداعات 38 مصمماً صينياً وأجنبياً وأطلق 80 مصمماً ناشئاً، مع العلم أن 70 في المئة من أهم المصممين والعلامات التجارية الصينية أصروا على المشاركة في هذا المهرجان بغية تأكيد حضورهم على الساحة العالمية ليكونوا أحد الأطراف الناشطة في عالم الموضة والأزياء. وانطلق أسبوع الموضة في باكستان، بمشاركة سبعة مصممين، قدموا أزياءهم لموسم ربيع وصيف 2015. حيث قدّم مصممو الأزياء، أزياء بنكهة مختلفة عمّا يُعرض عادة في الدول الأوروبية، نظراً إلى ما يقدمه المصممون الباكستانيون من موديلات تجمع بين التراث والحداثة، باستخدام خامات مختلفة من الأقمشة ومجموعة متنوعة من الألوان الزاهية. وحرص المصممون على إبراز التصاميم الزاهية التي تعتمد على تقنيات التطريز المحلية وقد تميزت بأناقتها وفخامتها، حيث امتزج سحر الشرق وحيوية الغرب على منصة عرض واحدة. وفي طوكيو، اختار المصمم تافاكومي تسوروتا، في عرض غير تقليدي لماركة «تينبو» تسليط الضوء على الشابات المعوقات وإشراكهن إلى جانب عارضات معتادات على هذا النوع من العروض لتقديم تشكيلة ملابس غريبة. وقال إن «هذه الملابس مصممة لأي كان في العالم. اعتقد انه يقع على عاتقنا تصور ملابس عصرية لكن يسهل لبسها». وتخرج تشكيلته للخريف والشتاء والتي أعدها تحت عنوان «الحلم»، عن المألوف بدرجة كبيرة وصولاً إلى استخدام أزرار مغناطيسية وسترات يمكن ارتداؤها بالاتجاهين، مع رغبة في جذب جمهور أكبر من ذلك الذي يستهدفه عادة أبرز مصممي الأزياء. وفي افتتاح العرض، أثارت رينا أكاياما، وهي شابة مكفوفة في سن السابعة والعشرين، إعجاب الحاضرين بفضل فستانها الأبيض الفضفاض المرقط المستوحى من نظام براي للكتابة المخصص لذوي الإعاقات البصرية. وبعد الانتقادات الكثيرة التي طاولتها بسبب طابعها النخبوي، أطلقت الجهات المنظمة لأسابيع الموضة في العالم أخيراً مبادرات خجولة لكن مهمة للترويج لتنوع أكبر على منصات عروض الأزياء. ولأن الخشبة تبدو الأقدر على إيصال الفكرة، عمدت عارضات إندونيسيات إلى تقديم عرضهن على ضفاف نهر ملوّث، وقد استعيض عن الأكسسوارات بأقنعة واقية من أجل رفع الصوت عالياً حول التلوّث اللاحق بالمياه.