رئيس مجلس الشورى في إيران علي لاريجاني انتقد دفاع السعودية عن حدودها الجنوبية، معتبراً أنها دخلت «طرفاً في النزاع في اليمن»، و «تشن هجوماً على الأجزاء الشمالية منه». لاريجاني، في تصريحاته، لم يتجاوز حق السعودية في الدفاع عن أرضها فحسب، وهو تجاوز غير مسبوق في السياسة، بل انتهك سيادتها على مدنها وقراها إذ اعتبر ملاحقة المتسللين الحوثيين حرباً تجري على ارض غير سعودية، وهذا تجاوز خطير، ومحاولة يائسة لافتعال أزمة بين الرياض وصنعاء، وتحريض القبائل الموجودة على الحدود. تصريحات لاريجاني حوت عبارات مثل ان النزاع «غير عادل في اليمن»، وقتال ضد مسلمين، وقوله: «إذا كان السعوديون يملكون صواريخ، فلماذا لا يستخدمونها ضد إسرائيل، بدلاً من رميها على شعب بريء وفقير؟ الحكومة السعودية إسلامية يجب ألا تثير التفرقة بين المسلمين». تأمّل من يتكلم عن الفرقة بين المسلمين. كلام لاريجاني دليل لا يقبل الشك على ان إيران تقف وراء التمرد الحوثي في اليمن، والعبث بالحدود السعودية، فضلاً عن أننا اعتدنا سماع هذه الشعارات من السياسيين الإيرانيين، لكن لاريجاني استخدمها، هذه المرة، لتمرير هدف طهران الحقيقي بالدعوة الى «المفاوضات السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة في اليمن». وهو هنا يريد معاودة طرح مضمون الوساطة القطرية التي وصفها الرئيس اليمني علي عبدالله صالح في حوار مع «الحياة» في آذار (مارس) الماضي، بأنها «شجعت الحوثي للتمادي وجعل نفسه نداً للدولة، وهذه كانت من الجوانب السلبية التي وقعت فيها الحكومة اليمنية». إيران استكملت المرحلة الأولى في إقامة حزبها في اليمن، من خلال التدريب والدعم العسكري، وهي اليوم في صدد دعمه سياسياً من خلال الحديث عن مفاوضات تفضي الى الاعتراف بالحوثيين كطرف مستقل، وتصريح لاريجاني مقدمة لنشاط إيراني في هذا الاتجاه، وربما شهدت الأيام المقبلة تحركات لمعاودة طرح مبادرة على غرار الوساطة القطرية، تمهيداً لخلق حالة يمنية تشبه الحالة اللبنانية. الأكيد ان موقف لاريجاني إشارة واضحة الى ان إيران تتبنى التمرد الحوثي، وتصريحاته أشبه بإعلان حرب على اليمن والسعودية. فإيران تريد اليوم ان تجعل تدخلها واقعاً سياسياً من خلال الدعوة الى المفاوضات، وهذا هو الذي يجب عدم الالتفات إليه، ورفض التعامل مع أي دولة تتبنى هذا الموقف أياً كان قربها من المنطقة.