مقديشو - أ ف ب، رويترز - تظاهر مئات في مقديشو أمس منددين بتصرفات تُنسب إلى مقاتلي «حركة الشباب» الإسلامية، في تجمّع غير مسبوق في العاصمة الصومالية حيث تدور حرب ضارية وحيث حذّرت السلطات من مزيد من عمليات التفجير «الانتحارية». وتجمع المتظاهرون صباح الإثنين أمام فندق شامو حيث سقط الخميس 24 قتيلاً في اعتداء «انتحاري» استهدف حفلة تخريج طلاب في الطب. وأحرق المتظاهرون العلم الأسود المكتوب عليه بالأبيض «لا إله إلا الله محمد رسول الله» الذي ترفعه «حركة الشباب» وحركات أخرى موالية ل «القاعدة» في العالم. وردد المتظاهرون «فليسقط الشباب» و«كفى عنفاً»، واتهموا الحركة الإسلامية بارتكاب «مجازر بحق الأبرياء». وتوقفت المسيرة قليلاً أمام جامعة بنادير وكلية الطب التي سقط العديد من طلابها في الاعتداء الذي نفّذه «انتحاري» يرتدي زي إمرأة منتقبة. وأعلن فرح عثمان كلافوجي الضابط في الشرطة ل «فرانس برس»: «لقد تجمع هؤلاء المئات من سكان مقديشو تلقائياً، لقد ملّ الناس من المذابح الإرهابية العمياء». وقال أحد المتظاهرين ويدعى محمد ياري: «أشارك في التظاهرة تعبيراً عن سخطي من هذا العمل البشع الذي قضى على أشخاص كانوا سيصبحون أطباء وعلى صحافيين». وجرت التظاهرة في المنطقة الصغيرة التي ما زالت تسيطر عليها الحكومة الانتقالية المحاصرة من «حركة الشباب» وحلفائها المحليين في «حزب الإسلام». وهذه المرة الأولى التي تُنظّم تظاهرة ضد الإسلاميين المتشددين في مقديشو. وبين ضحايا اعتداء الثالث من كانون الأول (ديسمبر) ثلاثة وزراء وثلاثة صحافيين محليين وعدد من الطلاب والأطباء، ما أثار استنكار العديد من الصوماليين. وحمّلت الحكومة المقاتلين الإسلاميين مسؤولية الاعتداء، لكن «حركة الشباب» و «حزب الإسلام» نفيا ذلك. وأفادت وكالة «رويترز» نقلاً عن الشرطة الصومالية أمس أن متمردي «حركة الشباب» أعدّوا مهاجمين انتحاريين متخفيين في ملابس ضابطين في الجيش والشرطة وأنهما سيستهدفان ميناء مقديشو ومطارها. وقال عبدالله حسن باريز الناطق باسم الشرطة للصحافيين في مقديشو: «تقول تقارير المخابرات التي لدينا إن حركة الشباب جهّزت انتحاريين في ملابس ضابطين كبيرين. سيستهدفان المطار والميناء». وأضاف: «نبّهنا قواتنا كافة. يجب ألا يخدعهم هذان الانتحاريان من حركة الشباب». وتتهم الولاياتالمتحدة الجماعة المتمردة بأنها تقاتل بالوكالة عن تنظيم «القاعدة» في الصومال. ويفتقر الصومال إلى حكومة فاعلة منذ عام 1991، وتسيطر حكومة الرئيس شيخ شريف شيخ أحمد المدعومة من الغرب على بضعة مواقع استراتيجية في العاصمة من بينها الميناء والمطار الدولي ويخضعان لحراسة مشددة. وأسفر الصراع عن مقتل ما لا يقل عن 19 الف مدني صومالي منذ بداية عام 2007 وأدى إلى نزوح 1.5 مليون عن ديارهم، ما سبب واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية على مستوى العالم. وعزلت الحكومة يوم الأحد قائدي الجيش والشرطة في محاولة لتعزيز الأمن بعد تفجير يوم الخميس. وقال سكان إن كينيا المجاورة ألقت القبض على أكثر من 300 شخص في الأيام الأخيرة في إحدى ضواحي نيروبي يغلب على سكانها مواطنون من أصول صومالية. 5 قتلى في هجوم على صوفيين على صعيد آخر، قُتل ما لا يقل عن خمسة أشخاص أمس الإثنين قرب مقديشو في هجوم شنه مسلحو «حركة الشباب» الإسلامية لمنع احتفال بمولد رجل دين صوفي. وكان سكان بلدة بصرة الصغيرة الواقعة على بعد 40 كلم شمال مقديشو يستعدون للاحتفال بمولد الشيخ حسن معلم عضو مجموعة «أهل السنّة والجماعة» الصومالية الصوفية. ومنعت «حركة الشباب» التي تدعو إلى تطبيق صارم للشريعة، إقامة هذه المراسم في الأراضي الواقعة تحت سيطرتها في جنوب الصومال ووسطه. وقال مسؤول محلي يدعى معلم إدريس عدن في اتصال هاتفي مع وكالة «فرانس برس» إن «مقاتلي الشباب المدججين بالسلاح هاجموا البلدة لمنع اقامة الاحتفال بذكرى الشيخ حسن معلم». وأضاف أن «أنصار الشيخ حاولوا التصدي لهم وحصل تبادل لاطلاق النار ما أوقع خمسة قتلى». وقال شاهد يدعى أمين محمد إن «أربعة من القتلى من حراس رجل الدين الذي كان ينظّم الاحتفال، أما الخامس فهو مدني». وأكّدت «حركة الشباب» لوكالة «فرانس برس» أنها «سيطرت على البلدة وأن المجاهدين أخذوا الحيوانات التي كانت ستُذبح» احتفالاً بهذه المناسبة، بحسب ما قال أحد قادة «الشباب» الشيخ عبدالرحمن حسن حسين. وأكد ناطق باسم «أهل السنّة» الشيخ أبو يوسف القاضي وقوع الهجوم، متهماً «الشباب» ب «قتل مدنيين أبرياء». ويطبّق «الشباب» الذين أعلنوا ولاءهم لتنظيم «القاعدة»، في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم مفهوماً صارماً للشريعة، وقاموا بإعدام كثيرين وبتر أطراف آخرين أو جلدهم. كما دمّروا العديد من المقامات الصوفية والآثار المسيحية في الصومال.