تتسبب وفرة مياه الري في قرية النصارية في محافظة الفيوم المصري، بتلف آلاف الفدادين المزروعة صيفاً وشتاءً. وتبلغ مساحة القرية التي يقطنها 35 ألف شخص، حوالى 6 آلاف فدان، هي جميعها أراضٍ زراعية خصبة، تكثر فيها زراعات القطن والذرة والقمح والطماطم. غير أن معظم هذه الأراضي لم تعد صالحة بسبب طوفان مصرف المياه الخاص بالمنطقة. ففي حين تعاني قرى إطسا ويوسف الصديق وطامية المجاورة من ندرة مياه الري، يشكو أهالي النصارية من وفرة المياه التي تدمر حقولهم. في هذا السياق، يوضح المزارع محمد عدلي عيد إن "مصرف قبلي السكة الحديد والذي أقيم منذ أكثر من 25 عاماً بطول 5 كيلو مترات، ويبدأ من قرية سيلا ليكون متنفساً للصرف الزراعي لقرى سيلا والنصارية والعسال والجابري، تحول إلى مقالب للقمامة، ما تسبب فى انسداد المجرى عند الكتلة السكنية في قرية سيلا وارتداد المياه لتغرق آلاف الفدادين". ويقول المزارع محفوظ فرج: "املك ثلاثة فدادين في حوض سليم باشا الحموي حصلت عليهم من الإصلاح الزراعي، وعلى رغم أننا على مشارف فصل الصيف، إلا أنني لم استطع زراعة أرضي، ما دفعني للعمل لدى بعض كبار المزارعين بسبب الغرق المستمر لأرضي التي صارت طينية لا تصلح للزراعة معظم فترات السنة، كما باتت نباتات الشوك والبردي والبوص الفارسي تملأ الأرض". ويؤكد الفلاح ياسر محمد حسين أن "المصرف أنشىء قبل 20 عاماً بشكل خاطئ، إذ ينخفض نصف متر عن سطح الأرض، ما يؤدي إلى ارتفاع منسوب المياه عن سطح الأرض وإغراق الأراضي الواقعة على طول خط المصرف، ما يفسدها". ويشير المزارع يوسف محمد خالد إلى أنه زرع الفدادين الأربعة التي يملكها سمسماً وذرة، غير أن "الأرض غرقت بالمياه لمدة 15 يوماً ما أفسد المزروعات. وعندما ذهبت للشكوى فى مديرية الري من طوفان المصرف بصورة مستمرة، وعدونا بتطهير المجرى المائي وإزالة التعديات خلال وقت قريب. وعلى رغم مرور 30 يوماً، إلا أن شيئاً لم يتغير وتبخرت الوعود مثلما تتبخر المياه فى بحيرة قارون". ويطالب الفرح محمد عيد المعنيين ب"إعادة حفر مجرى المصرف لزيادة عمقه حتى لا تغرق المياه الأراضي المجاورة". من جهته، يحذّر الأستاذ في كلية الزراعة في جامعة الفيوم الدكتور سمير سيف اليزل من "حدوث كارثة للأراضي المتضررة فى القريب العاجل، ما لم تبادر أجهزة الزراعة والري إلى إتخاذ التدابير المناسبة، إذ أن تزايد كمية المياه التي تخرج من المصارف تصيب الأراضي بالغرق وتتسبب فى اختناق الجذور وتعفنها". ويتابع أن "مياه المصارف صالحة للزراعة بشرط تصفيتها. أما في حالة تركها فإنها تؤدي إلى تدهور خصوبة التربة وعدم مقدرتها على تغذية النبات وعلى توصيل الأوكسيجين إليه بسبب امتلاء الفراغات الهوائية بالغاز. وكذلك يحل عنصر الصوديوم مكان الكالسيوم، ما يؤدى إلى ضعف التربة ويتسبب فى انتشار الحشائش والنباتات الضارة التي يصعب القضاء عليها بسرعة". في المقابل، يرى المهندس في مديرية الري في الفيوم محمد رمضان أن "سلوك المواطنين وراء المشكلة، بخاصة أنهم يلقون بمخلفاتهم فى مجرى المصرف في قرية سيلا. وهناك خطة سيتم تنفيذها لإعادة تطهير المصرف وحفره مرة أخرى حتى لا تغمر المياه الأراضى الزراعية، على أن يتم توجيه الفائض إلى المناطق التى تعاني من ندرة مياه الري".