أسفرت الحملة العسكرية التي بدأت قبل تسعة ايام في اليمن بقيادة السعودية عن عرقلة تقدم الحوثيين في هذا البلد الغارق في الفوضى، حيث يسعى «القاعدة» الى بسط سيطرته في شكل تام على المكلا، كبرى مدن حضرموت. ونظراً إلى الغارات الليلية المكثفة للتحالف العربي، اضطر الحوثيون وحلفاؤهم من القوات التابعة للرئيس السابق علي عبدالله صالح الى الانسحاب من القصر الرئاسي الذي سيطروا عليه عصر الخميس إثر معارك اتسمت بالعنف، في اتجاه حي خور مكسر المجاور، حيث قتل 12 منهم خلال اشتباكات ليلية مع انصار الرئيس عبد ربه منصور هادي. وأوضح مسؤول عسكري، طالباً عدم كشف اسمه ان «المسلحين الحوثيين وحلفاءهم انسحبوا قبل الفجر من قصر المعاشيق بعد غارات جوية للتحالف». وبعد سيطرة المتمردين على القصر، وهو آخر رموز الدولة اليمنية الذي لم يكن خاضعاً لهم، اندلعت اشتباكات مع «اللجان الشعبية» المؤيدة للرئيس هادي. من جهته، أكد مصدر أمني عملية الانسحاب التي اعلنتها وكالة الانباء السعودية، مشيرة الى ان القوات المؤيدة لهادي «نجحت في طرد» المتمردين من القصر. وقالت مصادر عسكرية إن الاشتباكات استمرت في شكل متقطع في الأحياء المجاورة للقصر الرئاسي ومطار عدن الذي تعرض للقصف ليلاً من سفن حربية تابعة للتحالف العربي، مشيرة الى احتراق طائرة قد تكون تلك المخصصة للرئيس اليمني. وخلال الليل، استخدم التحالف المظلات لإنزال مواد غذائية وأدوية في مرفأ عدن لإغاثة السكان الذين يواجهون نقصاً في المواد الاساسية، على ما أفاد مصدر في المرفأ. على صعيد عمليات الإغاثة، أعلنت مسؤولة العمليات الإنسانية في الاممالمتحدة فاليري آموس الخميس ان حصيلة المعارك في اليمن بلغت في اسبوع 519 قتيلاً ونحو 1700 جريح. وأعربت عن «قلقها البالغ» على سلامة المدنيين العالقين في المعارك الدائرة في هذا البلد، داعية مختلف أطراف النزاع الى بذل قصارى جهدهم لحماية المواطنين. وقالت: «على الذين يشاركون في المعارك ان يحرصوا على عدم استهداف المستشفيات والمدارس ومخيمات اللاجئين والنازحين في البلاد والبنى التحتية المدنية، ولا سيما في المناطق المأهولة، او عدم استخدامها لغايات عسكرية». وأضافت ان عشرات الآلاف فروا من منازلهم وان قسماً من هؤلاء توجه الى جيبوتي والصومال في رحلة محفوفة بالأخطار. في مجال آخر، يغتنم تنظيم «قاعدة الجهاد في جزيرة العرب» الفوضى السائدة في اليمن لتعزيز سيطرته في مناطق الجنوب والجنوب الشرقي حيث يحظى بوجود ملحوظ في حضرموت. وقال مسؤول ومواطنون ان مقاتلي «القاعدة» فرضوا الجمعة سيطرتهم في شكل جزئي على مدينة المكلا، غداة اقتحامهم السجن المركزي لتحرير احد قادتهم ونحو 300 موقوف. وأفاد شهود ان بين 200 و300 مسلح انتشروا في وسط المدينة وغربها حيث اقاموا حواجز تفتيش ورفعوا راياتهم السوداء. وأوضح مسوؤل محلي ان مقاتلي التنظيم «يسيطرون على احياء وليس على كل المكلا». وأضاف ان النقاط الحساسة وبينها قاعدة كبيرة للجيش والمطار «ما زالا تحت سيطرة القوات الحكومية». لكن مقاتلي «القاعدة» سيطروا على المرفأ من دون اي مقاومة، بعدما تخلى عناصر الأمن عن أسلحتهم على ما أفاد احد العمال وشهود قالوا ان المقاتلين وجهوا نداء عبر مكبرات الصوت الى القاطنين قرب قاعدة الجيش في شرق المدينة لمغادرة اماكنهم، ما يؤشر الى احتمال مهاجمتها. وبعد دخولهم المدينة امس وجه عناصر «القاعدة» نداء عبر المساجد «للجهاد ضد الروافض والحوثيين» بينما كان المتمردون يحاولون السيطرة على عدن. كما سيطروا على كتيبتين للجيش الخميس مستخدمين دبابات ومصفحات. وبين السجناء الذين فروا اثناء اقتحام السجن احد أبرز قادة التنظيم ويدعى خالد باطرفي الموقوف منذ اكثر من اربعة اعوام. وبالاضافة الى السجن، هاجم عناصر «القاعدة» الميناء والقصر الرئاسي ومقار الادارة المحلية والمحافظ والامن والمخابرات وفرع المصرف المركزي في المدينة الساحلية.