استمرت معارك كر وفر بين تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) و «أكناف بيت المقدس» في مخيم اليرموك جنوبدمشق وسط نزوح أهالي المخيم الذي تحاصره قوات النظام، في وقت تحركت فصائل معارضة لضبط الفوضى التي حصلت في معبر نصيب على حدود الأردن، الذي سيطرت عليه فصائل قبل يومين. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، إن الاشتباكات استمرت في المخيم اليرموك، فيما أشار نشطاء معارضون الى «حركة نزوح كبيرة لسكانه باتجاه المناطق المحاذية للمخيم، إذ اضطرت عشرات العائلات التي تقطن مخيم اليرموك للنزوح عنه إلى منطقتي يلدا وببيلا بعد سيطرة «داعش» على المنطقة المحيطة بمشفى الباسل وشارع حيفا، ونتيجة اشتداد المعارك والاشتباكات داخل المخيم». وقالت «مجموعة العمل الفلسطيني» إن المخيم «يعيش كارثة حقيقية بسبب عدم توافر الطعام والماء، واستمرار الحصار المفروض على المخيم». من جهته، قال «المرصد»: «لا تزال الاشتباكات العنيفة مستمرة بين تنظيم الدولة الإسلامية من جهة، وأكناف بيت المقدس مدعومة بمقاتلين من فصائل إسلامية من جهة أخرى، وسط معاودة التنظيم التقدم في المخيم». وقال مصدر ميداني سوري لوكالة «فرانس برس» إن «الجيش (النظام) السوري شدد من إجراءاته الأمنية في محيط المخيم بعد الاشتباكات التي شهدها». وأوضح أن الهدف من هذه الإجراءات هو «منع مسلحي تنظيم داعش من التمدد خارج المخيم من جهة المناطق الآمنة والتي ما زالت خاضعة لسيطرة الجيش». وبات تنظيم «الدولة الإسلامية» للمرة الأولى قريباً بهذا الشكل من دمشق، لكن المصدر أكد أن «المدخل الرئيسي للمخيم الذي يتصل بدمشق مؤمن»، مشيراً إلى حواجز كثيفة للنظام وللفصائل الفلسطينية المتحالفة معه، في إشارة الى مقاتلي «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة» بزعامة أحمد جبريل. وكان مقاتلو «أكناف بيت المقدس»، وهو فصيل إسلامي قريب من حركة «حماس»، استعادوا صباح الخميس السيطرة على أقسام كبيرة من المخيم. وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن إن «مقاتلين من المعارضة السورية دخلوا المخيم وساعدوا الفلسطينيين في صد تنظيم الدولة الإسلامية بعد مواجهات عنيفة ليلاً»، لكن مقاتلي التنظيم «تمكنوا في وقت لاحق من التقدم مجدداً داخل المخيم». واقتحم مقاتلو التنظيم المخيم الأربعاء انطلاقاً من حي الحجر الأسود المجاور. وقال «المرصد» إن قوات النظام قصفت الخميس أماكن عدة في المخيم كما تعرض حي الحجر الأسود لقصف مماثل. ووجهت وزارة الخارجية السورية رسالة الى كل من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ورئيس مجلس الأمن «حول دخول مئات من إرهابيي داعش بالتواطؤ مع إرهابيين من جبهة النصرة الى مخيم اليرموك». وادت الاشتباكات في المخيم، وفق رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية في دمشق أنور عبد الهادي، إلى مقتل ستة أشخاص وإصابة 17 آخرين على الأقل. وأعربت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) الأربعاء عن «قلقها الشديد» إزاء سلامة المدنيين في مخيم اليرموك. وأعلن الناطق باسم الأونروا كريس غانيس، أن «الأونروا تقدر وجود 3500 طفل من أصل 18 ألف مدني يقيمون في مخيم اليرموك. وتعرض المواجهات المسلحة العنيفة الأطفال لخطر الإصابة بجروح خطيرة أو الموت». ويعاني المخيم الذي تحاصره قوات النظام منذ أكثر من عام نقصاً فادحاً في المواد الغذائية والأدوية تسبب بنحو مئتي وفاة. وتراجع عدد سكانه من نحو 160 ألفاً قبل اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس بشار الأسد إلى نحو 18 ألفاً. من جهة أخرى، طالب «جيش الإسلام» في جنوبدمشق «جبهة النصرة» ب «الوقوف مع كتائب الثوار في قتالهم ضد تنظيم داعش، في الأحياء الجنوبية من العاصمة دمشق، وألا يقفوا حاجزاً بينهم وبين مقاتلي التنظيم في مخيم اليرموك خاصة». وأضاف في بيان: «نهيب بجبهة النصرة التي ليس من مبدئنا قتالهم، أن يقفوا مع الحق الذي يعرفونه تماماً في محاربة الدواعش، الذين أمر أمراؤهم بقتالهم». وبالنسبة الى معبر نصيب على حدود الأردن، قال «المرصد» إن «جبهة النصرة استلمت البوابة الحدودية الرئيسية من الجانب السوري لمعبر نصيب، فيما ينتشر مقاتلو النصرة وألوية اليرموك وأسود السنة والتوحيد وفلوجة حوران في منطقة الجمرك داخل الأراضي السورية من المعبر، والمنطقة الحرة الواقعة بين البوابتين الأردنية والسورية». وتابع أن «كل من يريد أن يدخل الأراضي السورية عبر المعبر قادماً من الأردن، يجب أن يسمح له بالدخول من قبل الأمير العسكري لجبهة النصرة الموجود على البوابة السورية من المعبر، وأيضاً كل من يريد أن يدخل البضائع من الأردن أو المنطقة الحرة، تسمح له جبهة النصرة بالمرور من البوابة الرسمية، على أن يثبت أنه صاحب هذه البضاعة». وجاء ذلك بعد الاستيلاء على أكثر من 300 سيارة، كانت موجودة في المنطقة الحرة وتم إدخالها إلى سورية. وأشار «المرصد» إلى أن «جبهة النصرة» سلمت حرس المعبر الأردني بعض الممتلكات الأردنية. وأعلنت «فرقة التوحيد» أمس «إرسال مئات المقاتلين لحماية المنشآت العامة والخاصة في معبر نصيب»، في حين خرجت تظاهرةٌ في درعا ل «التنديد بعمليات السلب والنهب». وأضافت «فرقة التوحيد» في بيان: «نعلن عن إرسال أكثر من 600 مقاتل إلى معبر نصيب الحدودي لحماية المنشآت العامة والخاصة، وإيقاف عمليات السلب والنهب»، ودعت «الجميعَ إلى التعاون لإعادة الأمن إلى المعبر»، محذِّرةً من أنها «ستلجأ إلى استعمال القوة إذا تطلَّب الأمر، بدءاً من الغاز المسيل للدموع، وانتهاءً بالرصاص الحي». كما قالت «حركة أحرار الشام الإسلامية» إنها «تستنكر التجاوزات والفوضى» التي حصلت في المعبر. تزامناً، أفادت شبكة «الدرر الشامية» بأن قوات النظام «صعدت عملياتها العسكرية في مدينة الزبداني في القلمون في ريف دمشق، وسط اشتباكات عنيفة مع كتائب الثوار». وأضافت أن «الطيران المروحي كثّف غاراته الجوية على مدينة الزبداني، حيث سجل سقوط أكثر من 13 برميلاً متفجراً منذ الصباح الباكر، بالتزامن مع قصف من قوات الأسد المتمركزة في منطقة الشميس بالمدفعية الثقيلة استهدف الجبل الشرقي». ودارت «اشتباكات عنيفة بين الثوار وقوات الأسد في نقاط عدة من جرود بلدة فليطة في منطقة القلمون، بالتزامن مع قصف كتائب الثوار بقذائف الهاون مواقع قوات الأسد في تلة الرفيع وداخل البلدة»، وفق «الدرر الشامية».