خيّمت أجواء التوتر والإرهاب على الشارع التركي مجدداً، غداة قتل مسلحَين من «جبهة التحرير الشعبي الثوري» اليسارية المتطرفة المدعي العام محمد سليم كيراز لدى تنفيذ رجال الأمن الخاصة عملية فاشلة لتحريره بعد احتجازه ساعات داخل مكتبه في مجمع للمحاكم في إسطنبول. في غضون ذلك، عاد الجيش إلى رفع صوته مجدداً، بعد تبرئة محكمة التمييز 236 عسكرياً وجنرالاً من تهم التخطيط لانقلاب ضد حكومة «العدالة والتنمية»، باعتبار أن أدلة القضية مزيفة. وطالبت في بيان ب «محاسبة جميع المسؤولين عن هذه المؤامرة، وإخضاعهم لمحاكمة عادلة». ويواجه الجيش بقيادة الجنرال نجدت أوزال مرحلة حرجة جداً إزاء مئات من منتسبي المؤسسة العسكرية وعائلاتهم الذين تعرضوا لظلم وإهانة بسبب هذه القضايا، وحُرموا من وظائفهم وامتيازاتهم وترقياتهم إضافة إلى رتبهم العسكرية. وهاجم مسلحان مقر قيادة الشرطة في إسطنبول أمس، فأردى رجال الأمن أحدهما بالرصاص، فيما فرّ الثاني. كما اعتقلت الشرطة رجلاً اقتحم بسلاح مزيف مقر حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في حي كارطال بإسطنبول، وهدد جميع من فيه وطردهم خارج المبنى، ثم رفع علماً تركياً عليه شعار السيف الذي يرمز إلى اليساريين من نافذة الطابق الأخير، وصرخ بجمل غير مفهومة تنتقد الحكومة وعلاقتها بجماعة الداعية المعارض فتح الله غولن. وشهدت أحياء في إسطنبول اشتباكات بين علويين وقوميين أتراك تكررت أيضاً في جامعة المدينة، حيث اعتقلت الشرطة عشرات. ورداً على مقتل المدعي العام الذي اتهمه بعض العلويين بالانحياز إلى شرطي يشتبه في أنه قتل الفتى العلوي بيركن علوان (15 سنة) خلال تظاهرات حديقة «غازي بارك» قبل سنتين، اعتقلت أجهزة الأمن 21 مشبوهاً في انتمائهم إلى منظمات يسارية متطرفة في مدن أنطاليا وأسكيشيهر وأزمير. وتعهد وزير العدل كنعان ايبك، خلال جنازة كيراز التي حضرها مئات من المحامين والقضاة، ملاحقة «قوى الظلام» التي «صوّبت سلاحها إلى الأمة». وتابع: «دولتنا قوية بدرجة كافية لملاحقة من يقف خلف هؤلاء المجرمين، والذين نتعهد ألا يشعروا بارتياح». وأكد الرئيس رجب طيب أردوغان «ضرورة التصدي بحزم للقوى الخفية التي تستهدف الديموقراطية في تركيا»، معتبراً أن الهجوم على مجمع المحاكم في إسطنبول محاولة للاعتراض على سير المفاوضات بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني. في المقابل، دعا حزب الشعب الجمهوري اليساري المعارض الجميع إلى التحلي بالهدوء والصبر وعدم الانجرار وراء ما سماها «عمليات استفزاز النعرات الطائفية»، وأيده حزب الحركة القومية بالقول إن «الفتى علوان قتل ظلماً مرتين، أولهما على يد شرطي، والثانية لدى قتل المحقق في قضيته على يد إرهابيين». على صعيد آخر، عاد التيار الكهربائي بعد انقطاعه عن معظم محافظاتتركيا لنحو 12 ساعة. ولم تعط السلطات المحرجة اي تفسيراً لذلك. فيما قال رئيس الوزراء احمد داود اوغلو ان «التحقيق لا يزال جاريا». واضاف «ليس هناك حتى الان اي نتيجة واضحة» مشيرا مرة اخرى الى فرضية العمل «الارهابي». وفيما قالت الحكومة إن سبب العطل تقني، أبلغ مهندسون وسائل الإعلام أن مشاريع خصخصة توزيع التيار الكهربائي في شكل غير علمي منعت تجانس هذه المحطات في قوة الطاقة المولدة ومستواها، وأدت إلى انهيار النظام في شكل كبير اثر عطل صغير في إحدى المحطات.