إنتُخب المعارض محمد بخاري رئيساً لنيجيريا، في أول تناوب ديموقراطي وسلمي على السلطة في بلد يضم أكبر عدد من السكان في افريقيا (173 مليون نسمة)، ويملك أكبر اقتصاد في القارة. وإثر اقتراع نموذجي، كسب بخاري، مرشح حزب المؤتمر التقدمي نسبة 53,95 في المئة من الأصوات، في مقابل 44,96 في المئة للرئيس المنتهية ولايته غودلاك جوناثان، زعيم الحزب الديموقراطي الشعبي الحاكم منذ 16 سنة. وأشاد جوناثان بالاقتراع، وقال في بيان أصدره ليل الثلثاء – الأربعاء بالتزامن مع نزول آلاف الى الشوارع في كانو، كبرى مدن الشمال المسلم، وكادونا مسقط رأس بخاري للاحتفال بفوزه رافعين مكانس ترمز الى تعهده مكافحة الفساد والحكم السيّء: «وفيت بوعد اجراء انتخابات حرة وعادلة. وحدة بلدنا العزيز واستقراره وتقدمه أهم من أي شيء، وأي طموح شخصي لا يوازي دم أي نيجيري»، علماً ان انتخابات 2011 شهدت سقوط حوالى ألف قتيل في اعمال عنف. وبانتزاعه الفوز بعد ثلاث هزائم منذ العام 2003، أشاد بخاري (72 سنة) بالرئيس المنتهية ولايته غودلاك جوناثان وميزاته كرجل دولة، وقال: «سأجتمع بالرئيس المنتهية ولايته في اقرب وقت لتنظيم تسلمي الرئاسة» بحسب الموعد المحدد في 29 أيار (مايو) المقبل. وزاد: «على الرئيس جوناتان ان يطمئن الى تفهمنا وتعاوننا التام، واحترامي شخصياً الى جانب فريقي». واعتبر بخاري الانقلابي السابق الذي ترأس مجلساً عسكرياً بين 1983 و1985، قبل ان يقدم نفسه على انه «معتنق للديموقراطية»، ان نيجيريا «انضمت الى مجموعة الأمم التي تبدل رئيسها عبر صناديق الاقتراع في انتخابات حرة ونزيهة. انه حدث تاريخي». وتابع: «يشكل الفساد أحد أسوأ الآفات في نيجيريا، واؤكد انه لن يبقى له مكان في بلدنا، كما لن يحتل الفاسدون مناصب في ادارتي». واعتبر المعلق السياسي كريس نوودو ان فوز بخاري «يكرس سيادة القاعدة الانتخابية»، معتبراً ان «الدينامية بين الحكّام والحكومة تبدلت نهائياً». وعزا فوز بخاري الى نجاحه في اجتذاب القاعدة الناخبة على المستوى الوطني وعدم اكتفائه بالاعتماد على انصاره في الشمال المسلم، إذ دعمه مسيحيون في الجنوب، خصوصاً في مدينة لاغوس. في المقابل، حاول جوناثان الافادة من تقدم الجيش اخيراً ضد «بوكو حرام» شمال شرقي البلاد، بفضل التدخل العسكري للدول المجاورة وفي مقدمها تشاد. لكن الناخبين اعتبروا ان هذه العملية تأخرت بعدما خلّف تمرد إسلاميي «بوكو حرام» اكثر من 15 ألف قتيل خلال 6 اعوام. وأول من أمس، استعاد جنود من التشاد والنيجر من إسلاميي «بوكو حرام» مدينة مالام فاتوري شمال شرقي نيجيريا، والتي تعتبر المكان الرئيسي لانكفاء مقاتلي الجماعة، بعدما تكبدت هزائم عدة في معاقلها بالمنطقة ذاتها. وفي جنيف، درس مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في جلسة طارئة طلب الدول الافريقية مساعدتها في مكافحة «بوكو حرام». وقال المفوض الاعلى لحقوق الانسان الامير زيد رعد: «من الضروري ان تكثف السلطات والأسرة الدولية جهودها لتلبية احتياجات الضحايا. كل العمليات العسكرية يجب ان تكون متكافئة وتستهدف التهديد وتضمن الواجب المرتبط بالاستسلام»، أي إحالة المشبوهين على القضاء. تهنئات وهنأ الاتحاد الأوروبي وفرنسا وبريطانيا بخاري بالفوز، مشددين على أهمية «الانتقال السلمي»، فيما أشادت الأممالمتحدة «بنضج الديموقراطية» في نيجيريا. أما مفوض الاتحاد الافريقي نكوسازانا دلاميني زوما فقال ان «نتيجة الانتخابات تدل بوضوح على نضج الديموقراطية ليس في نيجيريا وحدها، بل في كل القارة». كذلك، هنأ الرئيس الأميركي باراك اوباما الرئيس النيجيري المنتخب، واشاد ب «احترام المبادىء الديموقراطية خلال الاقتراع، ووضع الرئيس المنتهية ولايته جوناثان مصالح بلاده في المرتبة الاولى عبر اعترافه بهزيمته وتهنئته بخاري». واضاف: «أهنىء جوناثان وبخاري على تعهدهما العلني تجنب العنف طوال الحملة الانتخابية. بتوجههم الى مكاتب التصويت بأعداد كبيرة والانتظار طوال النهار احياناً للادلاء باصواتهم، وحّد النيجيريون جهودهم لتقرير مستقبل بلدهم بطريقة سلمية». ودعا أوباما الزعيمين الى تكرار دعوة انصارهما الى مواصلة احترام نتيجة الانتخابات، والحرص على توحيد بلادهم والمشاركة في عملية الانتقال السياسي في نيجيريا.