يعتقد السويسري توماس شتوكر، وهو مختص في علم «فيزياء المناخ» Environment Physics، أن أفضل إدارة لظاهرة تغير المناخ، تكمُن في تحديد هدف واضح. ووِفقاً لذلك الخبير المعروف، ينبغي على الإنسان أن يتكيّف مع متغيّرات المناخ التي حدثت فعليّاً. ويرأس شتوكر فريقاً من عشرات العلماء يعمل في «اللجنة الدوليّة للتغيّر في المناخ» التي تضْطَلِع بتقويم الجوانب العِلميّة لنظام المناخ، لتكون أساساً في تقارير متخصّصة عنه. ويعتبر شتوكر أن المعركة ضد تغير المناخ ليست خاسرة حتى الآن، لكن الأمور تزداد صعوبة طالما لم يجر التوصل إلى تحقيق خفض في انبعاثات غازات التلوّث المتّصلة بظاهرة الاحتباس الحراري. ويشير شتوكر إلى أنه خلال الأعوام الأربعة الماضية، جرى اتخاذ تدابير لتجنّب الأخطاء وجعل عملية رصد المناخ شفّافة إلى أقصى حدّ، من دون أن يعني ذلك استبعاد الأخطاء، لأن الخطأ يحدث دوماً في أعمال البشر. «هناك فئة من عدم اليقين المرتبط بفهم نظام الأرض. ما مدى دقّة المحاكاة الافتراضيّة على الكومبيوتر لهطول الأمطار أو لامتصاص الحرارة في المحيطات؟ تجلب تلك الأمور نوعاً من عدم اليقين، لكن وظيفة العِلم تكمن في تحديد الغموض وتقليله»، وفق كلمات شتوكر. ويشير العالِم نفسه إلى وجود حوادث مفاجِئة في المناخ، على رغم إجراء بحوث مُكثّفة، ما يجعل التوقّعات صعبة جداً. ويضرب مثلاً على ذلك ما يحدث في أجزاء من القطب الجنوبي تقع تحت مستوى سطح البحر، إذ يمكن أن تتزعزع هذه الأجزاء، نتيجة ارتفاع درجة حرارة البحر وارتفاع مستوياته، من دون إمكان التوقّع الدقيق لوقت حدوث تلك الزعزعة. ويضرب شتوكر مثلاً آخر يتمثّل في عدم التيقّن من ردّ فعل الغابات المطيرة في المناطق الاستوائيّة، إذا حصل تبدّل في مواسم هطول الأمطار. أثر رفّة... الحياة اليوميّة في أحاديث مختلفة، تناول شتوكر مسألة حدوث تطوّرات رئيسة في بحوث المناخ، على غرار مشاركة الأقمار الاصطناعيّة في نُظُم رصد المناخ، عبر قياسها مِقدار الذّوبان في جزيرة «غرينلاند» والقطب الجنوبي. ولم يكن ذلك الأمر ممكناً قبل سبْع سنوات. ويوضح شتوكر أن تلك القياسات تُتيح الآن، رسم صورة متناسقة عن الارتفاع في مستوى المسطّحات المائيّة، وعلاقتها بانحسار الأنهار الجليديّة عالميّاً، وارتفاع درجة حرارة مِياه المحيطات، إضافة إلى ذَوَبان الجليد في «غرينلاند» والقارة القُطبية الجنوبيّة وغيرها. وكذلك تحدّث شتوكر عن تقدّم آخر يتمثل في تحسّن نماذج المحاكاة الافتراضية بالكومبيوتر عن ظواهر المناخ، بمعنى أن المحاكاة أصبحت أكثر دقّة. ويستدرك بأن الوضع الراهن لم يصل إلى نقطة تتيح التنبّؤ مُسبَقاً بالتغيّر في درجات الحرارة ومناطق الهطول وحدوث ظواهر جوّية متطرّفة كالأعاصير. وبصورة عامّة، يشدّد شتوكر على أهمية التواصل بين الناس والمختصين في شؤون المناخ. ويوضح أن خيارات الناس في حياتهم اليوميّة تؤدي دوراً حاسماً في متغيّرات المناخ. وينبّه إلى أن وضع المناخ خلال الخمسين عاماً المقبلة (بل ربما خلال القرن 21 بأكمله) يعتمد على نشاطات البشر اليوميّة. ويلفت إلى أن تلك النشاطات تؤثّر على مسار الارتفاع في درجات الحرارة، ومدى الارتفاع في الرطوبة أو الجفاف، ومقدار الزيادة في الظواهر الجوية المتطرّفة، ومدى ارتفاع مستوى سطح البحر وغيرها. بقول آخر، يعتقد شتوكر جازماً أن الخيارات اليوميّة للفرد العادي تحدّد مقدار انبعاث غازات التلوّث المُسبّبة لظاهرة الاحتباس الحراري.