بعكس الموسم الدرامي الرمضاني الذي يتطلب من المشاهد «التركيز» على رغم السيل الجارف الذي يغمره، تبدو إجازة العيد كأنها فرصة ذهبية للتفلت من هذا الضغط، والسباحة الحرة بين المحطات الفضائية المختلفة التي تتوالد في شكل شبه يومي... بعضها يختفي، وبعضها يزاحم محاولاً البقاء ما أمكنه ليستفيد من هبات وعطايا الفضاء الفسيح مستغلاً هذا «المتنفس» ليقوم من باب المعايدة بمطالبة المشاهدين بالاتصال الهاتفي على الأرقام المبينة في أسفل الشاشات بغية ربح الذهب أو ما يعادله من العملات الصعبة مقابل الاجابة عن أحجية تبدو بسيطة للوهلة الأولى. الغريب في الأمر أن شكاوى كثيرة صدرت من هنا وهناك عن «متورطين» كثر في مثل هذه الاتصالات، ولا تزال هذه المحطات تجد صدى لدى متلقيها، ولدى من يرعاها فضائياً، طالما أنها تفي بالتعهدات المالية المفروضة عليها لتتواجد على أحد الأقمار. «المتورطون» يقولون في شكاويهم إن الأحجيات التي تقترحها عليهم هذه المحطات بسيطة جداً وليست بحاجة إلى الكثير من الذكاء، وهنا بالضبط تكمن المصيدة التي توضع في طريق المتصلين... حتى أن الأحجية الواحدة قد تستمر أسبوعاً أو أكثر على المحطة ذاتها، فيما تواصل المقدمة التلفزيونية نفسها وقوفها كلما سنحت لها الفرصة لتردد كلام أغنية هابطة على الأغلب، وتردد كلمات الأحجية مطالبة المشاهدين بضرورة الاتصال السريع للفوز الفوري. ويقول هؤلاء إنه لا يعقل ألا يكون أحد من المتصلين لم يعرف الاجابة الصحيحة، بالتالي تصبح الاتصالات هي الهدف من كل هذه المصيدة، والبعض منهم أسهب في شكواه بشرح شبكة الاتصالات «الجهنمية» التي يجدون أنفسهم واقعين في شراكها من دون جدوى. اجازة العيد فرصة للبحث الهادئ في أصول أحجيات من النوع السمج مثل «شيء كلما ذبحته بكيت عليه»، وجائزتها مئة ألف دولار تقدمها محطة «ستريك»، و «شيء له ثلاث عيون ورجل واحدة» وجائزتها تسعون ألف دولار تقدمها محطة «السهم» الفضائية، وفي الحالتين، وطوال أيام العيد، لم يقدّر لأحد المتصلين السذّج الفوز بإحدى الجائزتين اللتين بقيتا في ذمة المحطتين الفضائيتين. مرة أخرى يثير هذا النوع من البث اللاهي سؤالاً عن وثيقة الشرف الخاصة بالبث الفضائي العربي وجدواها وأهميتها في مثل هذه الحالات. وكما يدين كثر محطات الشعوذة الطبية التي تزينها أرقام هاتفية تدعو المشاهدين للاتصال بحثاً عن حلول ناجعة لمشكلاتهم المستعصية، هناك محطات كثيرة تسير ضمن الآلية ذاتها التي تتطلب أيضاً إدراجها في خانة الدرس والاستقصاء في ضوء الوثيقة التي تنادى إليها وزراء الإعلام العرب يوماً.