اتهم وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري من وصفهم ب «خصوم» بلاده بالسعي إلى إبقاء حال الجمود في ملف الصحراء، وقال أمام مجلس النواب أول من أمس إن الجزائر «وظّفت إمكانات مالية وديبلوماسية ضخمة من أجل تكريس ادعاءاتها بسيادة حال عدم الاستقرار في المحافظات الصحراوية». وعرض رئيس الديبلوماسية المغربية إلى ما وصفه ب «مشاركة مسؤولين جزائريين في أعمال اللجنة الرابعة للأمم المتحدة، وفي كثير من اللقاءات الدولية، إضافة الى تنظيم تظاهرات فوق أراضيها (الجزائر) والقيام بعمليات استفزازية داخل المغرب»، مشيراً إلى أن الأمر يتعلق بتقويض مسلسل المفاوضات «والإبقاء على ملف الصحراء مفتوحاً بلا حل». وشرح الوزير الفاسي الفهري استراتيجية المواجهة الراهنة بالقول إن الجزائر وجبهة بوليساريو «ينهجان استراتيجية سلبية على مستويين، يطاول الأول إدخال مسلسل المفاوضات في جمود، عبر محاولات متكررة لإحياء خطة التسوية لعام 1991» والتي قال إنها أصبحت مُتجاوزة، فيما المستوى الثاني يندرج في إطار «خطة دعائية حول الأوضاع في الصحراء، عبر إثارة ما يُسمّى باستغلال الثروات الطبيعية ومزاعم حول انتهاكات حقوق الإنسان». ووصف الموقف بأنه «يشكّل تصعيداً خطيراً»، واتهم السلطات الجزائرية بطريقة مباشرة بالوقوف وراء تصعيد الوضع في المنطقة العازلة شرق الجدار الأمني، من خلال قيام وفود رسمية جزائرية بزيارة المنطقة «التي أقرّت الأممالمتحدة حظر أي نشاط عسكري أو مدني فيها". ورهن التطورات الحالية بعزم الموفد الدولي إلى الصحراء الديبلوماسي الأميركي كريستوفر روس الدعوة إلى جولة ثانية من المفاوضات المصغّرة غير الرسمية. وكشف النقاب أن اللقاء السابق الذي استضافته فيينا قبل فترة ركّز في جانب كبير منه على البحث في مفهوم تقرير المصير، وأن الأممالمتحدة «استناداً إلى عناصر قانونية مرتبطة بالممارسة الدولية رأت انه لا يمكن حصر هذا المبدأ في نموذج آحادي ضيق»، مشيراً إلى خلاصات الوسيط الدولي السابق بيتر فان فالسوم التي اعتبر فيها استقلال إقليم الصحراء «غير واقعي». بيد أن الفاسي شدد على التزام بلاده المضي قدماً في مسلسل المفاوضات «الذي يُعتبر الوسيلة المثلى لبلوغ حل نهائي. واستبعاد خيار الاستفتاء المستند إلى خيارين متباعدين على طرفي نقيض». ورأى أن قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وتحديداً القرارات الرقم 1754 و1871 و1813، تحض على الدخول في مفاوضات «جدية وعميقة، على أساس التحلي بالواقعية والوفاق، وتأخذ في الاعتبار الجهود البناءة التي بذلها المغرب منذ عام 2006»، في اشارة الى اقتراح الحكم الذاتي الموسع. وحرص وزير الخارجية المغربي على وضع التطورات التي تخص تحركات نشطاء صحراويين، ضمن ما يعرف ب «بوليساريو الداخل»، في سياق ما وصفه ب «استفزازات غير مسبوقة» وصلت «سقفاً أعلى»، مؤكداً أن بلاده ترفض الإذعان لهذه «الاستفزازات». إلى ذلك، أكدت الكتل النيابية في الموالاة والمعارضة رفضها طلب وزارة الخارجية الإسبانية منح الناشطة أمينة (أميناتو) حيدر جواز سفر مغربياً. وطالب النائب سعد الدين العثماني، من كتلة العدالة والتنمية، الشروع فوراً في تنفيذ خطة الحكم الذاتي، بصرف النظر عن مسار المفاوضات، فيما توجهت وفود حزبية إلى إسبانيا للبحث مع حكومة مدريد في آخر التطورات، كما بدأ وفد أميركي زيارة المحافظات الصحراوية. واجتمع الى منشقين سابقين عن جبهة «بوليساريو» ونشطاء موالين. لكن مصادر رسمية قللت من شأن تداعيات وضع الناشطة حيدر على مستقبل العلاقات المغربية - الإسبانية، فيما يتطلع مراقبون إلى جهود الديبلوماسية الإسبانية لحلحلة الموقف، بخاصة في ضوء توليها رئاسة الاتحاد الأوروبي مطلع العام المقبل. والتزمت حكومة الحزب الاشتراكي الحالي التي تتعرض لمزيد من الضغوط، بدعم جهود الأممالمتحدة لحل النزاع بطرق سلمية.