دعت وزارة الصحة العراقية إلى الاستعانة بفرق دولية للتخلص من التلوّث الإشعاعي في بغداد، وعدم الاستهانة بنتائجه المميتة. وبعد سنوات من الصمت، وإثر التصريحات الأخيرة لبعض الأطباء المتخصصين بالأمراض السرطانية، طالبت وزارة الصحة وزارة البيئة في شكل رسمي بالتعامل مع ظاهرة التلوّث البيئي في البلاد في شكل جدي. وجاءت هذه المطالبة بعدما كشفت تقارير حديثة أعدّتها المستشفيات العراقية، عن تزايد نسب السرطانات في شكل غير مسبوق في البلاد نتيجة التلوّث الإشعاعي الذي تعاني منه الكثير من الأحياء المدنية والمناطق القروية في العراق. كما جاء هذا التحرك مستنداً إلى قرار مجلس الأمناء في رئاسة الوزراء أخيراً، الذي دعا وزارة البيئة إلى اجراء مسوحات في المناطق السكنية والمأهولة بعد اكتشاف اصابات سرطانية في احدى المدارس الثانوية في بغداد نتيجة اشعاعات انبعثت من مكتبة المدرسة. وكشفت احدى الصحف المحلية النقاب عن أمر هذه المدرسة، ما دفع مجلس الأمناء إلى اتخاذ قرار سريع بإجراء مسوحات شاملة في المناطق المأهولة. وأرسل المجلس طلباً رسمياً إلى وزارة البيئة يطالبها بتحريك الفرق المسؤولة في «مركز الوقاية من الإشعاع» للمباشرة في اجراء المسوحات المذكورة. وقالت معاونة مدير «مركز الوقاية من الإشعاع» في وزارة البيئة مها نافع ل «الحياة»: «إجراء مسوحات في المناطق المذكورة يحتاج شهوراً، الوزارة باشرت التحرك في مجموعة من المواقع التي تعرضت إلى قصف مكثف اثناء الحرب في عام 2003، والتي ما زال بعضها يحتوي على بقايا قذائف وشظايا، مثل «المطعم التركي» في بغداد. وأكّدت نافع ان أعمال المسح التي أجرتها الفرق المتخصصة في «المطعم التركي» قرب جسر الجمهورية، أظهرت وجود تلوّث اشعاعي موضعي في مساحات ضيقة، تحددت بثلاث طبقات، مُبيّنة أن الوزارة ستعمل على ازالتها في الأيام القليلة المقبلة. وكشفت نافع عن قيام وزارة البيئة بنقل كميات من المواد المُشعّة التي تشمل الآليات والمعدات العسكرية إلى موقع في منطقة «حفر الباطن» الحدودية، وذلك بعد إزالة طنين ونصف الطن من الأتربة تحت كل آلية. وبدا أن وزارة الصحة غير مقتنعة بالتحركات المحدودة لوزارة البيئة، إذ أكّدت على لسان الوزير صالح الحسناوي ان الإشعاعات الناشئة عن استعمال اليورانيوم المنضّب في الحروب السابقة، تسببت بزيادة الإصابة بالأمراض السرطانية وحالات الإجهاض والتشوهات الخلقية للجنين قبل ولادته، منذ عام 1991 ولحدّ الآن. وزاد أن تحركات وزارة البيئة تسير ببطء في هذا المجال، داعياً إلى الاستعانة بفرق دولية لتخليص بغداد من خطر التلوّث الإشعاعي.