أقر مجلس الوزراء اللبناني أمس نص البيان الوزاري الذي ستنال حكومة الرئيس سعد الحريري الثقة على أساسه في جلسة طويلة عقدت أمس، من دون تعديل على البند السادس المتعلق بالمقاومة وسُبل مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية، والذي تحفظ عنه 4 وزراء واعترض خامس، فيما تواصل السجال في الوسط السياسي اللبناني على اقتراح رئيس البرلمان نبيه بري تشكيل الهيئة العليا للبحث في اقتراحات إلغاء الطائفية السياسية وسط حراك سياسي كان البارز فيه أمس خوض زعيم «التيار الوطني الحر» العماد ميشال عون حواراً مطوّلاً مع مجلس المطارنة الموارنة الذين انضم إليهم في اجتماعهم الشهري أمس برئاسة البطريرك الماروني نصرالله صفير. وفيما تواصلت التعليقات على الوثيقة السياسية ل «حزب الله»، خصوصاً من «قوى 14 آذار» التي انتقدت أمانتها العامة ما تضمنتها مشيرة الى تناقضها مع اتفاق الطائف، بدأ المدعي العام في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان القاضي دانيال بلمار أمس لقاءاته بكبار المسؤولين اللبنانيين فاجتمع مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان. وأكد بلمار استمرار التحقيق في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري وسائر الجرائم المرتبطة به «بوتيرة سريعة مع إحراز تقدم»، شاكراً لسليمان تعاون السلطات اللبنانية. وفي وقت يتهيأ الرئيس سليمان لزيارة واشنطن ومقابلة الرئيس باراك أوباما في 12 الجاري، ويحضر الرئيس الحريري للمشاركة في قمة كوبنهاغن للمناخ بعده بثلاثة أيام، أشارت مصادر مطلعة في باريس ل «الحياة» الى احتمال حصول لقاء بين الحريري وبين الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على هامش القمة. وذكرت أن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير حصل من نظيره الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان على «تأكيد بأن القوات الإسرائيلية ستنسحب من الجزء اللبناني من بلدة الغجر قريباً». ورأت المصادر في وثيقة «حزب الله» عناصر «مثيرة للاهتمام». وبالعودة الى لقاء المصارحة بين العماد عون وبين المطارنة الموارنة والبطريرك صفير، أعلن عون عن حصول نقاط توافق ونقاط اختلاف. وقالت مصادر متطابقة إن عون عرض موقفه من التحالف مع «حزب الله»، وجرى نقاش حول موضوع سلاح الحزب وطرح قادة الكنيسة اعتراضاتهم على هذا الأمر فتمسك كل طرف بموقفه وربط عون السلاح بالأوضاع الإقليمية التي «تتخطى لبنان»، وأنه في وجه إسرائيل نظراً الى محدودية قدرة الجيش، فيما تمسك المطارنة وصفير بمطلبهم حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية. وتناول البحث موضوع إلغاء الطائفية السياسية وظهر توافق في الرأي بالاعتراض على طرح الرئيس بري تشكيل الهيئة العليا للبحث في اقتراحات إلغائها، «نظراً الى أن التوقيت يبيّت نيات لتغيير في التوازنات الداخلية»، كما قال المطارنة، فيما قال عون إنه يفضل سحب هذا الاقتراح الذي طرحه بري لأنه سابق لأوانه ملمحاً الى أن «حزب الله» قد لا يكون متحمساً للفكرة الآن على رغم تأييده لها. وفيما وجه عدد من المطارنة أسئلة الى عون عبّرت عن هواجسهم حيال سياسته، أجاب عليها على أمل متابعة الحوار معهم. وذكرت المصادر أن البحث تطرق الى المصالحة المسيحية في شكل موسع وطرحت فكرة أن يجتمع القادة المسيحيون مع مجلس المطارنة كما حصل في لقاء الأمس مع عون، وأشارت المصادر الى أن عون قدم ملاحظات في شأن المصالحة مع بعض الشخصيات، واقترح تفعيل عمل لجنة المطارنة لترتيب أي لقاء والتحضير له قبل عقده. واعتبرت المصادر القريبة من البطريركية أن حصول زيارة عون بعد خلاف علني «خطوة إيجابية على طريق تطبيع علاقته بالكنيسة»، وأن تبادل الآراء «فتح صفحة جديدة وأسس لعلاقة طبيعية بينه وبين البطريركية، على رغم استمرار الخلاف حول قضايا أساسية، خصوصاً أن عون أكد الدور التاريخي للبطريركية ومرجعيتها». ومساء أمس فاجأ الحريري المشاركين في إحياء الذكرى العشرين لاغتيال الرئيس رينيه معوض، في قصر الأونيسكو، بحضوره شخصياً بعدما كان كلف وزير التربية حسن منيمنة بتمثيله. وتحولت الذكرى مهرجانا ل «قوى 14 آذار»، إذ حضر رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ومثل رئيس الجمهورية الوزير بطرس حرب ورئيس البرلمان النائب عبداللطيف الزين، وتغيّب رئيس «اللقاء النيابي الديموقراطي» وليد جنبلاط والرئيس السابق أمين الجميل فيما حضر قادة «حزب الكتائب» وعدد كبير من النواب والوزراء. وأكد ميشال رينيه معوض التمسك باتفاق الطائف «لا بتفاهم الدوحة «لأنه ظرفي وتفاهم الضرورة لإنقاذ لبنان من الفتنة». وقال: «لا شرعية لأي اتفاق عقد بقوة السلاح ومنطق الإلغاء». واعتبر أن طرح إلغاء الطائفية السياسية «بوجود السلاح يضرب صيغة العيش المشترك... كل سلاح خارج الدولة لبنانياً كان أو فلسطينياً وبغض النظر عن المستجدات هو سلاح خارج عن الشرعية ويجب حصره بالدولة». وخاطب «حزب الله» و «حركة أمل» سائلاً عن مشروعهما للطائفة الشيعية، وقال: «كل الطوائف جربت قبلكم أن تحمي وجودها خارج الدولة وفشلت ودفع كل لبنان الثمن فالسلاح لا يحمي السلاح».