يصطلح على تسمية الدول ذات المستوى المعيشي المنخفض بالدول النامية، فإذا كانت هذه السمة هي الأساس في تصنيف الدول إلى نامية ومتقدمة إضافة إلى انتشار الأمية وانخفاض المستوى الصحي وارتفاع معدل الوفيات والبطالة فإن هذه الدول (النامية) تتشارك والمتقدمة بظاهرة الفساد وسرقة المال العام وإن اختلف المستوى فالأسباب الرئيسة لظهور الفساد وانتشاره متشابهة في معظم المجتمعات إلا انه يمكن ملاحظة التفاوت في التفسير وقبول الظاهرة بين شعب وآخر تبعاً لاختلاف الثقافات. على كل حال وبحسب السيدة اوكونغو ايويالا العضو المنتدب في البنك الدولي فإن ما بين عشرين إلى أربعين بليون دولار من الأموال المسروقة من طريق الفساد تخرج من الدول النامية كل عام إلى الدول المتقدمة. الرقم كبير ومثلي يعتقد باستحالة جمعه، إلا أن أساليب الكسب غير المشروع تنوعت، فقد قرأت أن سلطات إقليم بريمورية شمال روسيا طردت سيدة من شقتها بحجة تخلفها عن سداد فواتير الكهرباء وقدرت الجهات المعنية حجم الديون بنحوعشرة آلاف روبل أي ما يعادل 300 دولار وعليه اتخذ المجلس المحلي قراراً بإخلاء الشقة وفرض حراسة عليها تمهيداً لبيعها في مزاد علني لسداد مستحقات الدولة. القصة تبدو منطقية ولا غبار على إجراءات السلطات لولا أن السيدة توفيت منذ ست سنوات وشقتها فارغة منذ ذلك الحين. وعلى هذا اعتبرت جمعية حماية دافعي الضرائب أن ثمة من يسعى إلى الاستيلاء على الشقة ولذلك يرسلون فواتير وهمية ثم يتخذون قراراً ببيع الشقة في المزاد لمشترٍ محدد سلفاً. الجميع يعلم، وأنا لا ادعي كشف المستور، أن استغلال المنصب وضعف الرقابة في الجهاز الحكومي وضعف السلطتين القضائية والتشريعية من أهم أسباب استشراء ظاهرة الفساد، لكن بعض حكومات البلدان النامية لديها ما هو أهم من معالجة هذه الأسباب. فحكومة كوريا الشمالية، على سبيل المثال، دعت مواطنيها الذكور إلى عدم إطالة شعرهم والإناث إلى إبقاء شعرهن مربوطاً. أما عن عالمنا العربي (وهو ضمن البلدان النامية) فنستدعي السفراء ونحتج ونشن حملات التشهير على الفضائيات وفي الصحف ولا نسكت على إهانة الكرامة ونعمل كل ما في الإمكان وأكثر فيما لو كان الموضوع له علاقة بمبارة كرة قدم يتأهل الفائز فيها إلى كاس العالم حتى لو كنا متعادلين في التصنيف الدولي للفساد.