اختتم ضيوف الرحمن أمس آخر أعمال حج هذا العام بوداع البيت العتيق والطواف بالكعبة المشرفة، مناسكهم في سكونٍ وطمأنينة، تحفهم رعاية الكريم المنّان، بعد أن استقبلتهم سماء منى بالغيث يوم التروية، وهب عليهم النسيم يوم عرفة، وظللهم الغمام أيام التشريق. حج هذا العام كان استثنائياً، فالتخوف من مرض «H1N1» سبق مشهد القدوم واعتلى الصدر في وسائل الإعلام، وتفاوتت الدول في تحديد موقفها من إرسال مواطنيها إلى المشاعر المقدسة بين المنع الكامل، والسماح بشرط أخذ اللقاح، وصولاً إلى ترقب العالم تصرف الأجهزة الحكومية السعودية حيال أي تطورٍ متوقعٍ في رصد المرض أو التعامل مع تطوراته، ليختتم المشهد الأول ناجحاً عدا عن بضع وفيات ورقمٍ في خانة العشرات من الإصابات. وجاء المشهد الثاني أمنياً تنظيمياً ككل عام، إذ تنفذ الجهات الأمنية خططها التنفيذية حفظاً لأمن الحج والحجاج وسلامتهم، وبعيداً عن التخوفات من تسييس الحج أو تعطيل سيره، سارت الأمور بكل سهولة وسلاسة، من دون تسجيل أي حدثٍ يذكر، ونقلت الصورة انتقال الحجاج بين المشاعر وداخلها دون توقف تنظمهم خطط الأمن المرسومة على الورق والتي تحولت إلى واقع تراه الأعين ويستشعره الحجاج. كانت أمطار يوم التروية على مشعر منى بشرى خير لم يفسرها الحجاج إلا بتجلي الله ورحمته بهم، إلا أن الحدث في الجارة جدة وكارثة السيل الذي طمر العروس جعل الترقب يتسرب إلى نفس البلد المضيف من تكرار الحدث الكارثي، بيد أن الحجاج هم ضيوف الرحمن فاستحالت كلمة المطر غيثاً، ولم يخيب الله ظن ضيوفه به راحماً لهم ومجيباً. وينتقل نحو مليون حاج من مشاعر مكةالمكرمة إلى المدينةالمنورة ليؤدوا زيارة مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام والصلاة فيه والسلام على رسول الإسلام وزيارة الأماكن التاريخية بين قباء والبقيع. وثمَّن عدد من حجاج بيت الله الحرام الذين وصلوا إلى المدينةالمنورة عقب أدائهم مناسك الحج الجهود المكثفة والمبذولة بسخاء من حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ما مكنهم من أداء مناسكهم بيسر وسهولة، وأكدوا أن هذه الخدمات الكبيرة والمتطورة في مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة والمشاعر المقدسة محل تقدير كل المسلمين في العالم الإسلامي لمساهمتها في تحويل رحلة الحج إلى سياحة دينية رائعة وميسرة، مشيرين إلى أن المملكة اكتسبت خبرة كبيرة في مجال تنظيم الحج والعمرة وتنفق الكثير من المال والجهد لإنجاح خططها الشمولية والمتكاملة لضيوف الرحمن ورفعوا أكف الضراعة بالدعاء لهذه البلاد قيادة وحكومة وشعباً سائلين الله أن يجعل هذه الأعمال في موازين حسناتهم. واطمأن الحجاج إلى أن سخر الله عز وجل لمقدسات المسلمين حكومة أمينة مخلصة وقيادة رشيدة ترعى مقدسات المسلمين وتعتني بشؤونهم بشكل مكثف ومدروس، وعبروا عن سعادتهم بالتوسعة العملاقة التي يجدونها في المسجد النبوي الشريف كما شدهم توفر الخدمات في ميقات المدينةالمنورة حيث دورات المياه النظيفة رغم كثافة روادها ومياه الشرب وغيرها الكثير مما يعجز اللسان عن وصفه. ويعد حجاج بيت الله الحرام قدومهم إلى الديار المباركة فرصة سانحة لكي يقدموا الشكر للحكومة السعودية لما وجدوه من عناية ورعاية وكرم ضيافة منذ وصولهم إلى المملكة، مشيدين بالبون الشاسع والمستوى التصاعدي في الخدمات من عام لآخر وهو مؤشر يؤكد تواصل الجهود واستمرارية البذل والعطاء الدائم برعاية مقدسات المسلمين والعناية بشؤون عباد الرحمن وضيوف بيته من الحجاج. . ويستمتع حجاج بيت الله الحرام بأداء المناسك إذ إن التنظيمات الجيدة مبنية على أسس مدروسة تتيح لكل حاج هذه المتعة بأداء المناسك على رغم كثافة الازدحام ومحدودية الزمان والمكان إلا أن تلك التنظيمات جاءت مواكبة قدر المستطاع لكافة المعطيات على الأرض وهو ما نجده واقعياً في المشاعر المقدسة.