بكل الحزن والأسى أتابع كارثة جدة والتي بدأت يوم الأربعاء الماضي، ولا أعلم حتى اللحظة إلى ماذا ستنتهي وكيف؟ حاولت كثيراً أن أهدئ من غضبي وحزني العميق حتى لا يكتب قلمي جزءاً يسيراً مما أشعر به ويشعر به غيري من كمد وحزن وحيرة وغيرة. لم أهنأ بإجازتي السنوية كالعادة، على رغم أنني حاولت كثيراً أن أتابع الموضوع عن بعد من دون أن اقترب أكثر ولدي من الحكايات ما يضحك جداً وما يؤلم في آن واحد، منها شيء حدث في المطار قبل وأثناء رحلة المغادرة ومنها ما يزال ينغص على إجازتي التي لا أعلم كيف أستمتع بها وبلدتي جدة تجابه كارثة إنسانية بكل المقاييس، خصوصاً منذ حطت أقدامي المدينة الفرنسية الجميلة لم يتوقف هطول المطر عليها و«لم أجد والله سيارة عطلانة» على الطريق بل لم أجد شارعاً غارقاً في المياه لم أجد موظفاً لم يذهب لعمله ولا طفلاً أعاقته مياه المطر عن الالتحاق بمدرسته الشوارع والحياة عموماً (مرتبة) والحياة لا تتوقف من أجل ظاهرة طبيعية عادية جداً مثل نزول الأمطار. الرحلات الجوية من مدينة إلى أخرى لم تتأثر ورحلات القطار أيضاً لم تتأثر، المترو الداخلي والترام والأتوبيسات السياحية تسير بحسب الجدول الموضوع لها وعندما يخبرك سائق الأتوبيس بأن الأتوبيس الآخر سيأتي ليقلك بعد 18 دقيقة فهو لا يقولها عبثاً، على رغم وجود الأمطار وصل الأتوبيس في موعده بالثانية من دون تأخير. لماذا هم مختلفون؟! ولماذا بلدهم مختلفة؟! ولماذا حياتهم لم تتأثر بزخات المطر التي هي أشد وأقسى من الأمطار التي شهدتها جدة بملايين المرات ولا وجه أصلاً للمقارنة؟! ما الفرق بيننا وبينهم ألسنا ننفق بلايين الريالات على مشاريعنا؟! البني التحتية لأي مجتمع والذي يجب أن يكون على مقاييس عالمية صالحة لكل ظرف، الشوارع والكباري وشبكات التصريف والإجراءات الاحترازية خطط الطوارئ كلها إجراءات مفعلة في الخارج... وأولها وآخرها ان الشوارع لا تتهدم ولا تصبح نهراً لمجرد نزول قطرات من المطر. ليست المرة الأولى التي أزور فيها باريس ولكنها المرة الأولى التي أزورها والأسئلة تحيرني وتجبرني أن أسأل وأسال لأبحث عن إجابة شفافة. أكتب مقالي هذا والحزن والغضب يعتصران في قلبي فالمقارنات تقتلني وتأتي لغير مصلحتنا في معظمها بكل أمانة. سؤال يقتلني ويغضبني ألف مرة ومرة وأتمنى لو أجد اجابة تهدئ الغضب الشديد الذي حاولت كثيراً التخفيف منه أثناء كتابتي لهذا المقال... لماذا؟! [email protected]