تدخل معاهدة لشبونة الاوروبية حيز التنفيذ فجر اليوم، وسط لا مبالاة الرأي العام رغم أهمية مقتضيات تبسيط مسار صنع القرارات المشتركة بما يضمن تعميق الاندماج داخل الاتحاد وبروز دوره في الساحة الدولية. واتجهت أنظار المراقبين في شكل خاص إلى التوازنات السياسية الجديدة ما بين المؤسسات المشتركة من جهة والدول الأوروبية من جهة أخرى. وتنتظر مؤسسات الاتحاد استحقاق تنفيذ المعاهدة بعدما كانت تعطلت أربع سنوات جراء الاستفتاءات السلبية في هولنداوفرنسا وإرلندا. وتوسع المعاهدة المجالات التي سيتم التصويت في شأنها، بين الدول الأعضاء ال 27، وفق قاعدة الغالبية بدلاً من قاعدة الإجماع على أن يتم ذلك في شكل تدريجي حتى عام 2014. كما تضمن مساهمة البرلمان إلى جانب المجلس الوزاري في اتخاذ القرارات الجديدة. وتشمل المجالات الإضافية الهجرة واللجوء والأمن الداخلي. لكن قرارات السياسة الخارجية والضريبة ستظل تخضع لقاعدة الإجماع على أن يتم تنفيذ مهماتها الخارجية وفق قاعدة الغالبية. وتغير المعاهدة ميزان القوى بين المجلس والمفوضية حيث حصلت الأخيرة على صلاحيات السياسة الخارجية والأمن المشترك والتي عهدت إلى نائبة رئيس المفوضية البارونة كاثرين اشتون (بريطانيا). وتمتلك المفوضية قدرة التأثير لأنها تحتفظ في خزانتها بالبلايين التي ينفقها الاتحاد في مجال العلاقات الخارجية. واستحدثت المعاهدة وظيفة رئيس الاتحاد التي عهدت بها القمة الاستثنائية قبل أسبوعين إلى رئيس الوزراء البلجيكي هيرمان فان رومبوي. ويشترك الرئيس الجديد للاتحاد مع مسؤولة السياسة الخارجية والأمنية المشتركة كاثرين اشتون في كونهما يفتقدان الكاريزما والخبرة على الصعيد الخارجي. وقد يثير فان رومبوي حفيظة بعض شركاء الاتحاد وفي مقدمهم تركيا التي قال عنها قبل سنوات انها "ليست أوروبية ولا تقع في أوروبا وانضمامها يتناقض مع القيم المسيحية التي بنيت أوروبا على أساسها". وتفتقد نائبة رئيس المفوضية مسؤولة العلاقات الخارجية كاثرين اشتون إلى أدنى الخبرة في مجال السياسة الخارجية باستثناء بضعة أشهر قضتها في المفوضية الأوروبية وتولت خلالها ملف التجارة الخارجية ومفاوضات تحرير التجارة المجمدة أصلاً منذ سنوات. وأمام ضعف بروفيل الممثلة السامية للاتحاد كاثرين اشتون فان دور رئيس المفوضية مانويل باروزو (حزب المحافظين) يبدو أكثر تأثيراً. وكانت فرنساوالمانيا فرضتا خيارهما على بقية الشركاء من خلال تعيين فان رومبوي واشتون. ويتزامن دخول معاهدة لشبونة حيز التنفيذ مع تجديد فريق المفوضية الأوروبية حيث رد الرئيس باروزو جميل الدول الكبرى التي كانت ساندت ترشحه لولاية ثانية. فحاز ميشيل بارنيي (فرنسا) على مسؤوليات مفوض السوق الداخلية منها مسائل تنفيذ إصلاحات أسواق المال وغونتير ويتينغير (المانيا) بالنسبة لسياسة الطاقة ويواكيم المونيا (اسبانيا) بالنسبة لسياسة مراقبة قوانين التنافسية. وتعد المفوضية 27 عضواً يخضعون لموافقة البرلمان بعد الاستماع إلى كل منهم. وسيتولى الفريق الجديد مهماته في مطلع شباط (فبراير) المقبل.