شكّلت عشر لوحات لتسعة فنانين فلسطينيين من أجيال مختلفة، وبعضهم راحل، ركن الفن الفلسطيني للمرة الأولى في تاريخ مزاد «كريستيز» العالمي للفنون الحديثة والمعاصرة، واحتضنته دبي قبل أيام. وقد حقق بعضها أرقاماً قياسية في ما يتعلق بأسعار المبيعات، وعلى رأسها لوحة الفنان سليمان منصور «جمل المحامل» التي رسمت في نسختها الثالثة عام 2005، وحققت مبلغ 257 ألف دولار، تلتها لوحة للراحل اسماعيل شموط بما يزيد عن 160 ألف دولار، في حين كانت اللوحات الأخرى لكل من الراحل مصطفى الحلاج، خالد حوراني، عاصم أبو شقرة، ساري خوري، عبد الرحمن المزين. كما حضر الشباب عبر الفنانين عامر الشوملي وهاني زعرب. وهكذا، خصّص المزاد ركناً للفن الفلسطيني بأعمال رشّح ما يزيد عن نصفها المقتني والخبير الفلسطيني جورج الأعمى المقيم في بيت لحم. وقال الأعمى ل «الحياة»: «ما حصل شكّل اعترافاً مهماً وغير مسبوق بالفن التشكيلي الفلسطيني على المستوى العالمي، إذ كانت تنسب أعمال فنانين فلسطينيين بيعت في هذا المزاد ومزادات عالمية أخرى، سابقاً، إلى دول عربية». وجذب موسم مزادات «كريستيز» الثامن عشر، مئات المقتنين وعشاق الفن الحديث والمعاصر، وضم 158 لوحة ومنحوتة بيعت مقابل 11.4 مليون دولار أميركي، بزيادة 7% عن مزاد كريستيز في آذار (مارس) 2014 وبلغت حصيلته 10.6 مليون دولار. وقال الفنان سليمان منصور إنه كان يتوقع أن تحقق لوحته مبلغاً أكبر، لكن ظهور اللوحة الأصلية المفقودة منذ عام 1973 ربما حال دون ذلك. وكشف أن اللوحة الأصلية فقدت في مكتب تولى طباعتها في القدس، بعد رسمها بفترة بسيطة عام 1973، ليرسم نسخة ثانية عام 1975 بيعت في معرض كبير بلندن لصالح الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، عبر سفير ليبيا في لندن. أما العمل الذي بيع في «كريستيز»، فهو النسخة الثالثة من «جمل المحامل»، وقد أجرى بعض التغييرات الطفيفة على النسخة الأصلية من بينها رسم كنيسة قرب قبة الصخرة، كما غير في شكل الحبل في اللوحة الشهيرة التي تعكس بشكل أو بآخر قضية القدس العربية. وعبّر الفنان عامر الشوملي عن سعادته لكون لوحته «انتفاضة مبكسلة» كانت ضمن الركن الفلسطيني في «كريستيز»، وبيعت بما يزيد عن أربعين ألف دولار. وهي رسم لبقرة يتقاطع وفيلم الشوملي الأخير «المطلوبون ال18» الذي نال العديد من الجوائز العربية والعالمية، وهو وثائقي اعتمد الرسوم المتحركة واتكأ على حكاية 18 بقرة اقتناها أهالي مدينة بيت ساحور في إطار حملة مقاطعة لمنتجات الألبان الإسرائيلية في انتفاضة عام 1987، منتجين حليباً حمل اسم «حليب الانتفاضة». وقال الشوملي: «أخيراً استطاعت فلسطين أن تجد لنفسها ركناً في هذا المزاد العلني تحت عنوان «الفن الفلسطيني»، وهذا إنجاز». أما سليمان منصور فقال: «هي خطوة مهمة بلا شك، وبخاصة من الناحيتين المعنوية والرمزية. أما من ناحية عملية فلها حسناتها وسيئاتها، فهي من جهة تثبت وجودنا كفنانين فلسطينيين، وتصنع لنا موطئ قدم في السوق العالمية، وهذا من شأنه أن يفتح الطريق أمام مزيد من الفنانين الفلسطينيين لإبراز إبداعاتهم، ولكن من جهة أخرى فإنها تدخلنا ولوحاتنا في حسابات العرض والطلب، ما قد يكون على حساب المضمون».