تقود الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان حراكاً بالتعاون مع وزارة الحج وعدد من الجهات الحكومية في السعودية للنظر في شكوى أكثر من 540 حاجاً ينتمون إلى الجنسيتين المصرية والجزائرية ضد شركة سياحة وحج أردنية. يتهمونها بالاحتيال عليهم، والإخلال ببنود العقود المبرمة معها، «إذ لم توفر لهم مقرات للسكن أو وجبات الإعاشة في مكةالمكرمة، والمشاعر المقدسة، وتنصلت من واجباتها تجاههم كافة». وكشف مصدر مطلع ل «الحياة» أن تدخل فريق العمل التابع للجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، والمبتعث لرصد ومتابعة مسيرة الحجيج في المشاعر المقدسة للمرة الأولى، أثمر عن صرف مساعدات عينية ومادية للحجاج «المغرر بهم»، بعد تفاعل عدد من الجهات الخيرية في السعودية. وذكر أن «وزارة الحج فتحت ملف التحقيق مع مجموعة الخدمة الميدانية المنوط بها الإشراف عليهم، ومندوبي شركة السياحة والحج الأردنية، ووجهت بحل سريع وجذري لمعاناة الحجاج يكفل لهم التفرغ لأداء شعائرهم الدينية بكل يسر وسهولة». وعلى خط مواز، لم يدر بخلد مئات الحجاج المصريين والجزائريين أن «محتالاً» سيذيب جليد الخلافات التي رسبتها مباريات كرة القدم، بعد أن تجاور حجاج الجاليتين المقيمتين في الأردن داخل مكةالمكرمة والمشاعر المقدسة، وجلسوا سوياً يندبون حظهم العاثر الذي أوقعهم بين يدي ذلك المستثمر. وتبددت من أمام ناظريهم أحلام تأدية مناسك فريضة الحج في أجواء من السكون والطمأنينة إثر تنصل رجل الأعمال من واجباته تجاههم، وتركهم حيارى عند مدخل مكةالمكرمة الشمالي، بعد رحلة سفر طويلة، استغرقت زهاء يومين كاملين قضوها داخل 12 حافلة مكتظة. وعلى الصعيد ذاته، تنامت مساحات الحسرة داخل خوالج الحاج محمود أصهب، الذي كشف ل «الحياة» بانفعال عن سر ذلك الحزن والتهجم المرتسم على محياه، قال: «لم أتوقع أن أقحم زوجتي وشقيقتي في سلسلة من المآسي والمعاناة، لك أن تتخيل أننا داخل هذه الحافلة منذ نحو أسبوع، ولم نجد أياً من الوعود التي شنف بها صاحب تلك المؤسسة أسماعنا، إذ بدأت المعاناة مع هذه الحافلات المهترئة التي نقلتنا بشق الأنفس طوال مسافة الرحلة التي مرت بمعتركات عدة، لا تنحصر في سلسلة التوقفات المتكررة لإصلاح الأعطال الفنية في عدد من حافلات قافلتنا المكونة من 12 حافلة». وأوضح أن معاناتهم تطورت بعد وصولهم إلى مكةالمكرمة، مشيراً إلى أن مندوبي الشركة تعللوا قبل تركهم في أحد مداخل مكةالمكرمة برغبتهم في إحضار عدد من المرشدين لنقلنا إلى المقر الرئيس في المشاعر، إلا انهم فروا ولم يعودوا الينا «رافضين الرد على مكالماتنا». وذكر أن عدداً من الحجاج الجزائريين والمصريين توجهوا إلى مدير مجموعة الخدمة الميدانية المشرفة عليهم، بيد أنهم فوجئوا بموقفه السلبي إذ تنصل من المسؤولية، «وطالبنا بمخاطبة الشركة التي تعاقدنا معها، وأكد أن لا علاقة تربطنا به أبداً». ويلتقط الحاج محمد مولاي الزين طرف الحديث منه قائلاً: «أضحينا وحيدين، فقررنا التوجه إلى المشاعر المقدسة، علنا نجد مخيماً يؤوينا، إلا أننا قضينا سويعات الانتظار الطويلة في يوم عرفة داخل وبجانب حافلاتنا، بعد أن منعنا من دخول المخيم التابع للشركة والمكتب المتعاقدين معنا، وأجبرنا على العودة إلى مكةالمكرمة صبيحة يوم عيد الأضحى المبارك، حيث اتخذنا من موقف الحافلات في كدي نقطة لتجمعنا ومستقراً لحافلاتنا، ومأوى لنسائنا، اللاتي تجمعن سوية مصريات وجزائريات، وتولينا سوياً رعايتهن، بعد أن فرقتنا كرة القدم، ووحدتنا أزمة احتيال شركة سياحة وحج أردنية علينا في السعودية». رفض مدير مجموعة الخدمة الميدانية المنوط بها رعاية الحجاج وصاحب شركة الحج والسياحة الأردنية التعليق على أزمة حجاجهما، ورفضا الإدلاء بأية تصريحات لوسائل الإعلام، في انتظار ما ستؤول إليه تحقيقات الجهات الحكومية السعودية التي وجهت بحل معاناة الحجاج سريعاً، والتحقيق مع المؤسسة والمجموعة لكشف كافة ملابسات هذه الأزمة. وينتظر أن تصدر قريباً عقوبات بحق المتسببين في ما تعرض له أولئك الحجاج من معاناة إبان شروعهم في تأديتهم شعائرهم الدينية في موسم الحج.