كيف يمكن لمسلمٍ يحمل الجنسية الإسرائيلية أن يؤدي فريضة الحج؟ سؤال يبدو مربكاً وإجابته معقدة إذا عُلم أن السعودية لا تسمح لحاملي الجواز الإسرائيلي بدخول أراضيها، وفي ظل وجود ما يقرب من 1.5 مليون مسلم في « إسرائيل» يمثلون نحو 20 في المئة من إجمالي السكان، أغلبهم من «عرب 48» الساكنين داخل الخط الأخضر. ينتشر عرب 48 من المسلمين والمسيحيين على امتداد الأراضي في فلسطينالمحتلة، وتتركز الأغلبية في مدن: الجليل (في الشمال)، المثلث (في الوسط)، والنقب (في الجنوب)، فيما يختلط المسلمون باليهود في مدن: حيفا وعكا ويافا والرملة. وفي كل عام، يقدم 4500 حاج يحملون الجنسية الإسرائيلية إلى الأراضي السعودية لأداء فريضة الحج، بحسب عضو اتحاد جمعيات الحج والعمرة الحاج ماهر عمر يسري «أبو عمر»، بعد أن كان العدد 3500 حاج حتى جاءت مكرمة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- بزيادة 1000 حاج كل عام. وتمر عمليات دخولهم إلى السعودية بمراحل عدة، تبدأ بملء الحاج الراغب في أداء الفريضة استمارة الحصول على الجواز الأردني الموقت الذي يؤهل الحاج لدخول السعودية، وبعدها تتكفل الحكومة الأردنية، بتنسيق وزارة الأوقاف الأردني، بتسليمهم الجوازات الموقتة مقابل استلام جوازاتهم الإسرائيلية حتى انتهاء فريضة الحج، فيما تُصدر السفارة السعودية في عمّان تأشيرات الدخول. وينتقل الحجاج في حافلات معينة لهم إلى الأراضي الأردنية أولاً عبر معبر الشونة، لينتقل الحجاج إلى السعودية من طريقي البر أو الجو، وتكلّف رحلة الحج لحجاج البر نحو 2400 دولار أميركي (9000 ريال سعودي) ولحجاج الجو نحو 3000 دولار أميركي (11250 ريالاً سعودي)، ويسكن الحجاج خلال أداء فريضتهم مع بعثة الحج الأردنية. ويُعلن عن الحج داخل الأراضي الإسرائيلية من طريق اتحاد جمعيات الحج والعمرة، ولا ينقص عدد الحجاج عن هذا العدد مهما كانت الظروف، في محاولة للحفاظ على هذا الرقم كل عام. وعن وضع مسلمي عرب 48 داخل الخط الأخضر يؤكد الحاج ماهر يسري قدرة المسلمين على بناء المساجد وإقامة الصلاة ورفع الأذان حتى لصلاة الفجر، على رغم اعتراض الجمعيات اليهودية، مشيراً إلى تحول عدد كبير من الإسرائيليين من أصحاب الأصول اليهودية إلى الإسلام، وأنه يتذكر قدوم أحدهم إلى السعودية لأداء العمرة. ويتذكر أبو عمر بكل أسفٍ وصف العرب لهم بالخونة حين بقي الجيل الأول في بيوتهم وعلى أرضهم عند النكبة على رغم نزوح البقية، مشيراً إلى أن الثبات في الأراضي كان له فائدة أكبر من النزوح، متحدثاً عن تخوف الحكومة الإسرائيلية لكونهم قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة. ويأتي هذا التخوف نتيجة الازدياد السكاني الكبير بين عرب 48 ومحاولة الحكومة الإسرائيلية لموازنة العدد باستقطاب مزيدٍ من المهاجرين اليهود، مبيناً أن العرب في الداخل منظمون ويقومون بدورٍ كبير في المحافظة على هوية المسجد الأقصى. وتبرز أهم الأعمال في ترميم المسجد الأقصى الغربي ومسجد قبة الصخرة، وافتتاح المصلى المرواني عام 1996م ليتسع لأكثر من 10 آلاف حاج بفتح ما سمي ب «البوابات العملاقة»، و «التسوية الشرقية»، إضافة إلى تسيير حافلات يومياً من كل مناطق «الخط الأخضر» لأداء الصلوات في المسجد الأقصى، والاعتكاف فيه صموداً أمام أي محاولة لتهويد المسجد وإفقاده هويته الإسلامية رغم محاولات الحفر في باب المغاربة، التي وصلت إلى أساسات المسجد. ويتحدث يسري عن مستوى تعليمي وثقافي مميز أوصل أبناء عرب 48 إلى مراكز متقدمة كأطباء ومهندسين ومحامين وصولاً إلى منصب نائب مدير جامعة حيفا، فيما يبقى التمثيل السياسي مثار جدلٍ، بين معارض للتصويت احتراماً للقضية أو مطالب بالمشاركة للحصول على الحقوق السياسية.