تابعت الحكومات المعنية بأزمة ديون إمارة دبي، اهتمامها بمصير اقتصاد الإمارة، ومعرفة مدى ارتباط الديون المتعثرة بالمصارف العالمية وأسواق المال، وأثرها في العاملين في دبي وشركائها الاقتصاديين وزبائنها. وفي حين قلّصت أسواق «وول ستريت» الأميركية خسائر الجمعة الماضي، لفتت وزارة الخزانة الأميركية إلى أنها تراقب عن كثب تطورات الأزمة، وترصد الجهات التي قد تصيبها بأضرار، بخاصةٍ أن المصارف الأميركية قد تكون على ارتباطٍ مباشر بالقطاع المصرفي البريطاني أكبر مصدرٍ لديون دبي ومؤسساتها بنحو 30 بليون دولار، في حين أن بنك التسويات الدولي يرفع المبلغ إلى 50 بليوناً. وأمس صدرت تعليقاتٌ على أزمة ديون دبي، من بلدانٍ معنية مثل الهند نظراً إلى وجود نحو 100 ألف هندي يعملون في الإمارة، ومن ألمانيا حيث تستثمر الشركات الألمانية والاتحاد الأوروبي نظراً لما تحدثه الأزمة من تداعيات في الأسواق العالمية، ونفت تايلاند تورطها بالديون. وينتظر المراقبون غداً عندما تفتتح أسواق دبي المالية، ما سيؤول إليه مصير أسهم الشركات المدرجة فيها، كما ينتظرون مبادرات من عاصمة الإمارات العربية المتحدة إمارة أبو ظبي، تجاه مصير ديون جارتها ومدى تدخلها، إذ أشير أمس إلى مثل هذا التدخل بصورة غامضة غير صريحة أو أكيدة. توافق خبراء في الشأن الاقتصادي أمس، على أن المصارف في بريطانيا هي الأكثر تعرضاً للانكشاف أمام قروض متعثرة مصدرها شركات مملوكة لحكومة إمارة دبي، في حال استمرت أزمة طلب تأجيل تسديد ديون تلك الشركات. وأضافوا (كما نقل موقع «سي أن أن» الإلكتروني)، أن الأمر لا يمثل حماية للمصارف الأميركية التي ستتعرض بدورها لهزة عنيفة. وذكر الخبراء أن مصارف أميركية كثيرة قدمت ضمانات لقروض حصلت عليها شركات في دبي، مصدرها مصارف بريطانية وألمانية. ويتوقعون أن يتسبب اندفاع الإمارة إلى بيع ممتلكاتها العقارية في الغرب بأسعار بخسة، - لجمع أموال تسدد بها القروض -، بدفع القطاع العقاري الأميركي إلى دوامة جديدة من الهبوط. وبحسب مؤسسة «سي أم أي» المعنية بمراقبة سوق الائتمان، فإن إمكان أن تعجز دبي عن تسديد ديون شركاتها، وفي مقدمتها «دبي العالمية» التي يقدر أنها مدينة ب 60 بليون دولار، ارتفع إلى 35.82 في المئة. وتشير أرقام مركز بحوث « جي بي مورغان» للأصول المالية، إلى أن الانكشاف الأكبر في الولاياتالمتحدة على قروض دبي يتمثل في دين بقيمة 1.9 بليون دولار، يعود لصالح مصرف «سيتي غروب». ويقول محلل الشؤون المصرفية في مؤسسة «روشدال» للأوراق المالية ريتشارد بوف: إن النتائج المباشرة لتعثر ديون شركات في دبي على المصارف الأميركية ستكون محدودة، لكن ارتداداتها غير المباشرة تتهدد النظام ب «الشلل.» ويضيف بوف، في حديث إلى محطة تلفزيون «سي أن أن»، أن الخطر الأساسي ينبع من ندرة المعلومات حول القضية وازدياد منسوب القلق العالمي تجاهها، بخاصة أن مستوى الضمانات والتأمينات التي قدمتها المصارف الأميركية لديون أوروبية حصلت عليها دبي، لا يزال غير واضح. ويلفت بوف إلى أن المصارف البريطانية، وعلى رأسها «ستاندرد تشارترد» و «أتش أس بي سي» و «رويال بنك أوف سكوتلند» و «باركليز» وسواها من مؤسسات المال قدمت أكثر من 30 بليون دولار( نحو 18 بليون جنيه استرليني) على شكل قروض إلى شركات دبي، وبسبب التعامل الواسع بين تلك المصارف ونظيراتها في أميركا، فإن التأثيرات السلبية التي يمكن أن تقع في لندن ستمتد إلى الولاياتالمتحدة بسرعة. ويدعو بوف أيضاً للتنبه إلى خطر إضافي قد تتعرض له الولاياتالمتحدة، يتمثل في احتمال حصول انهيارات جديدة في أسعار السوق العقارية، إذا اضطرت شركات دبي إلى بيع ممتلكاتها العقارية الفخمة بأسعار بخسة بهدف جمع السيولة للوفاء بديونها، ما يؤخر تعافي الاقتصاد العالمي ككل. يذكر أن مدير قسم التصنيف السيادي للشرق الأوسط في مؤسسة «ستاندرد أند بورز» المالية فاروق سوسة، كان قد اعتبر أن الهزات العنيفة التي شهدتها الأسواق العالمية بعد إعلان شركات مملوكة من حكومة دبي نيتها طلب تأجيل سداد ديونها «مبالغ فيها»، على اعتبار أن في إمارة دبي شركات ناجحة كثيراً لا تزال قادرة على تحقيق أرباح. أضاف سوسة: «توجد شكوك كثيرة، لكن في دبي شركات لم تتأثّر، وعلينا أن نعرف أن دبي وضعها فريد في المنطقة لأن ديونها مرتفعة بينما ليس لديها نفط، في حين أن سائر الأطراف في المنطقة ديونها منخفضة ونفطها وفير».