أعلن امس خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، في الديوان الملكي في قصر منى أمس، حيث يشرف بنفسه على راحة حجاج بيت الله الحرام، «أن المملكة العربية السعودية لا تقبل التجاوز على أحد، لكنها في نفس الوقت لن تسمح لكائن من كان أن يدنس شبراً من أراضيها». وأكد امام قادة القوات العاملة في أمن الحج «سيعلم من يظن بأن سيادة وأمن بلادكم مكان خصب لفكره المريض بأنه واهم». وأضاف: «لا خيارات مفتوحة للدفاع عن النفس سوى خيار واحد: النصر بعزة وكرامة أو الشهادة في سبيل الله ثم الوطن». وأعرب خادم الحرمين الشريفين عن تقديره لرجال القوات المسلحة، وخاطبهم بالقول: «إن ما يجيش في نفسي وفي نفوس أهلكم شعب المملكة العربية السعودية من اعتزاز بكم لم يأت من فراغ، فأنتم بعد الله درع هذا الوطن، وكنتم تسعون في كل أمر بعد التوكل على الحق جل جلاله رافعين راية التوحيد ضد سوء التدبير عند من خدعته نفسه الأمارة بالسوء، وأكدتم القول المعروف: إن المعرفة - بعون الله- تسبق النصر والجهل يسبق الهزيمة». واكتمل وصول مواكب حجاج بيت الله الحرام إلى منى أمس، واستقروا على صعيدها الطاهر، مكبرين مهللين، بعد أن منّ الله عليهم بالوقوف على صعيد عرفات، والمبيت في مزدلفة، وسط أجواء روحانية مفعمة بالسكنية والخشوع تحفهم عناية الرحمن. وأعلنت مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات أن إجمالي عدد الحجاج بلغ هذا العام 2.313.278 حاجاً، 1.613.965 حاجاً منهم قدموا من خارج المملكة، والبقية وعددهم 699.313 حاجاً من داخل المملكة، غالبيتهم مقيمون غير سعوديين. ورمى الحجاج أمس جمرة العقبة فقط، وهي التي تلي مكة، اتباعاً لسنة الرسول صلى الله عليه وسلم بكل يسر وسهولة، مستفيدين من المشروع الجديد لجسر الجمرات الذي أسهم بشكل كبير في التيسير على الحجاج آداء هذا النسك، لرحابة الجسر وتعدد أدواره التي تستوعب مئات الآلاف خلال الساعة الواحدة. وأكدت مصادر أمنية أن مئات الآلاف من الحجاج فرغوا من رمي جمرة العقبة قبل ال 11 صباحا. وشرعوا في الحلق أو التقصير للتحلل الأول من الإحرام، ثم طافوا طواف الإفاضة، وسعوا بين الصفا والمروة، بعدها نحروا الهدي لمن عليه هدي من الحجاج. ويواصل ضيوف الرحمن إكمال مناسكهم أيام التشريق الثلاثة، إلا من تعجل منهم، فبإمكانه الذهاب إلى الحرم المكي الشريف ليطوف طواف الوادع بعد أن يرمي الجمرات الثلاث في اليوم ال 12 من شهر ذي الحجة. وأكد قائد قوة الدفاع المدني في منشأة الجمرات العميد زهير سيبيه أن تشغيل منشأة الجمرات بطبقاتها الخمس في حج هذا العام أسهم في تخفيف الأعباء التي كان يتحملها الحجاج أثناء أدائهم هذا النسك. وعلمت «الحياة» أن عدد المرضى الذين راجعوا المستشفيات والمراكز الصحية التابعة لوزارة الصحة في مشعري عرفات ومزدلفة يوم وقفة عرفة أول من أمس بلغ 49817 مريضاً. وذكرت وزارة الصحة في بيان أمس أن المستشفيات والمراكز الصحية قدمت خدماتها ل 10689 مريضاً من خلال العيادات الخارجية وأقسام الاسعاف، فيما راجع المراكز الصحية 39128 مريضاً. وتم أول من أمس تنويم 124 مريضاً في مستشفيات الوزارة في كل من مشعري عرفات ومزدلفة. وأكد أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس لجنة الحج المركزية الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أن نفرة الحجاج من مزدلفة الى منى تمت بكل يسر وسهولة، وفي أجواء مفعمة بالأمن والأمان والراحة والاستقرار، ووسط منظومة من الخدمات المتكاملة والرعاية الشاملة التي وفرتها الدولة لخدمتهم وراحتهم وأمنهم واستقرارهم، ووفق خطط مدروسة. على صعيدآخر، لا تزال عمليات الإنقاذ مستمرة في أكبر ثغور السعودية على البحر الأحمر (جدة)، في أعقاب الأمطار الغزيرة والسيول التي دهمت عدداً من أحيائها، وأسفرت عن 85 قتيلاً بحسب آخر أرقام حصلت عليها «الحياة» أمس. فيما بلغ عدد العائلات التي تضررت منازلها وتم تخصيص مأوى لها ألف عائلة. وقال وزير النقل السعودي جبارة الصريصري إثر تفقده المناطق المنكوبة أمس إن خادم الحرمين الشريفين أمر بتشكيل لجان لمعالجة الوضع من جميع جوانبه، على أن ترفع إليه اللجان دراسات تشرح طرق ووسائل معالجة الوضع جذرياً. وأعلنت الخطوط الجوية العربية السعودية (السعودية) أنها تمكنت من إعادة التيار الكهربائي إلى مركزها الرئيسي الخاص بأنظمة المعلومات الذي دهمته المياه. وأعلن وزير النقل السعودي أن «طريق الحرمين» سيكون جاهزاً اليوم (السبت) لاستقبال الحجاج القادمين من المشاعر المقدسة. وقالت مصادر الدفاع المدني ل «الحياة» إن العمليات الميدانية المستمرة أسهمت في إنقاذ نحو ألفي شخص احتجزتهم المياه. وأضافت: «لا تزال وتيرة عمليات الإنقاذ مستمرة في ستة أحياء شرق جدة». وأوضح بيان أصدرته شعبة الطيران في إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة أن عمليات الإنقاذ الجوية نفذت بسبع مروحيات أسهمت في إنقاذ 193 مواطناً ومقيماً، بينهم نساء وأطفال. كما تم انتشال خمس جثث في أماكن متفرقة احتجزتها السيول. وصنف خبراء تأمين أمطار جدة بأنها «حادثة وليست من كوارث الطبيعة». وقالوا ل «الحياة»: «إن تحديد قمية التعويضات يتم وفقاً لبوليصة التأمين الخاصة بكل من المتضررين». وحددوا وثائق التأمين بنوعين، الأولى وثيقة تأمين شاملة تضمن للمتضررين دفع التعويضات في أسرع وقت ممكن، في حين أن النوع الثاني لوثائق التأمين والمعروفة «بوليصة التأمين ضد الغير» لا تتحمل بموجبه شركات التأمين مسؤولية دفع تعويضات للمتضررين، إذ إن بنودها لا تدخل فيها التعويضات ضد الكوارث الطبيعية. ولم يستبعد العاملون في مجال التأمين رفع شركات التأمين دعوى ضد المتسببين في الكارثة التي حلت في جدة، خصوصاً الجهات الحكومية المعنية، وذلك في حال تكبدت شركات التأمين خسائر كبيرة، مؤكدين في الوقت ذاته صعوبة حصر الخسائر حالياً.