دبي ، طوكيو – رويترز، أ ف ب – أحدث إعلان حكومة إمارة دبي الأربعاء الماضي، أكثر من انتكاسة قويةٍ تتردد تداعياتها في المصارف العالمية الكبرى، وفي أسواق المال، فتؤثر انخفاضاً للآن، على سعر الأسهم العالمية والنفط الخام وعملاتٍ رئيسة. وعلى رغم تطميناتٍ أطلقها مسؤولون في الإمارة، من أن الموضوع ينحصر فقط ضمن «إعادة هيكلة دبي العالمية وشركات تابعة»، فإن أثر هذه التطمينات بدا ضعيفاً، لا سيّما في أسواق المال الآسيوية، ومصارف معرّضة ضمن الإمارة وفي العالم. وأثّرت خطوة دبي أيضاً على سوق التأمين على الديون في المنطقة، وتداولت التقديرات مدى الخسائر التي يمكن أن يتكبدها مستثمرون في «دبي العالمية». استمرّت التداعيات على أسواق المال أمس، فتراجع المستثمرون عن الأصول التي تنطوي على أخطار، وتخلّوا عن أسهم المصارف وشركات الإنشاءات الآسيوية، وسط مخاوف من أن يعيد تخلف دبي عن تسديد ديونها، تأجيج اضطرابات مالية ناجمة عن أزمة ائتمان. وخيَّمت على أسواق الأسهم في طوكيو وهونغ كونغ، مخاوف في شأن تعرض المصارف لديون شركات دبي، التي تبني جزراً على شكل نخيل وتصمم مدناً من باكستان إلى أفريقيا. وقال المحلل في و «ستباك غلوبال ماركتس» روبرت ريني في مذكرة: «هذه تذكرة مهمة بأن أزمة الائتمان تم تناسيها، لكنها لم تنته بعد». وسعت المصارف الآسيوية والأوروبية إلى أن تنأى عن دبي الإمارة الصحراوية التي تستثمر في مصارف عالمية مثل «ستاندارد اند تشارترد» وتجتذب مديري الأموال بوعود بنمط حياة خال من الضرائب. وأعلنت الإمارة التي ازدهرت كمركز سياحي بطموح عالمي، الأربعاء الماضي، أنها ستطلب من دائني شركتي دبي العالمية ونخيل العقارية، تعليق المطالبة بتسديد ديون ببلايين الدولارات، كخطوة أولى لإعادة هيكلة الشركتين. وبلغت المديونية المجمّعة لدبي العالمية التي قادت نمو الإمارة، 59 بليون دولار في آب (أغسطس) الماضي، ما يمثل ثلاثة أرباع إجمالي ديون دبي البالغة 80 بليون دولار. وأنشأت نخيل ثلاث جزر صناعية على شكل نخيل تجاه دبي. وهزت هذه الأنباء الأسواق التي لا تزال تحاول التعافي من انهيار سوق الإسكان الأميركية وتداعياتها التي هددت بانهيار النظام المالي العالمي العام الماضي. وقال المدير العام لشركة «فولبرايت سكيوريتيز» فرانسيس لون، «أُطلقتْ صفارات الإنذار من جديد». ويتوقع محلِّلون دعماً مالياً من أبوظبي عاصمة الإمارات العربية المتحدة، الغنية باحتياطات النفط. لكن قد يتعين على دبي التخلي عن النموذج الاقتصادي الذي يركّز على الاستثمار في العقارات وتدفق الأموال والعمال الأجانب. وهبطت أسهم مصارف مثل «اتش.اس.بي.سي»، مدير حسابات قرض ب 5.5 بليون دولار لدبي العالمية، أكثر من 7 في المئة و «ستاندارد تشارترد» بنحو 6 في المئة. وقادت أسهم المصرفين المدرجة في لندن انخفاضات أسهم المصارف الأوروبية إلى أدنى مستوياتها في ستة أشهر الخميس. وقال كارلوس بونسي من «أي.اكس.إي» للسمسرة في مكسيكو سيتي: «إذا تحول ذلك إلى قضية تؤثر على المصارف فإنها ستثير الشكوك مرة أخرى في قدرتها على الإقراض، وهو عامل أساس في جميع استراتيجيات إنعاش الاقتصادات». لكن احتمالات الإنقاذ لم تفلح في تهدئة المستثمرين القلقين بالفعل، من ألا يكون الاقتصاد العالمي ينتعش بالسرعة الكافية لتبرير مضاعفة أسعار الأسهم في الأسواق الناشئة وسلع عديدة منذ آذار (مارس) الماضي. ونتجت مشكلات الديون في دبي عن فقاعة العقارات التي انفجرت بعد أزمة المال العالمية، ما عطل خطط الإمارة لأن تصبح منطقة جذب سياحي ومركزاً إقليمياً لخدمات المال والإعلام والترفيه. وأثار تأخير تسديد الديون وما يشكّل من أخطار على النظام المالي العالمي المتضرر بالفعل من مشكلات المصارف في أوروبا والولايات المتحدة، مخاوف من تجدد الاضطرابات المالية العالمية. ويتضاءل تعرض المصارف لديون دبي، مقارنة مع 2.8 تريليون دولار من تخفيضات قيم أصول، يقول صندوق النقد الدولي إن المصارف الأميركية والأوروبية تنفذها من 2007 إلى 2010 نتيجة لأزمة المال. وأعلنت مصادر ل «طومسون رويترز»، أن التعرض لدبي العالمية قد يصل إلى 12 بليون دولار من قروض مجمعة وثنائية تشمل قروضاً لنخيل واستثمار العالمية، الذراع الاستثمارية لحكومة دبي. وتضررت شركات الإنشاءات من سيول إلى سيدني، وسط مخاوف في شأن عدم دفع الأموال المنتظرة من دبي لمشروعات إنشاءات ضخمة منها أطول مبنى في العالم. وأفادت شركة «لايتون هولدينغز» الأسترالية للإنشاءات أمس بأنها تستحق أموالا على مشروعات إنشاءات من دبي، لكنها على ثقة من أنها ستحصل على المال. وتراجع سهمها أكثر من 3.5 في المئة. وتوقع تاكاهيكو موراي من «نوزومي سكيوريتيز» اليابان: « أن تحصل أحداث مماثلة لأحداث دبي، ما يدفع أموال المخاطرة إلى الخروج من أصول مثل السلع والأسهم». وإذا رفض الدائنون اقتراح دبي تأجيل تسديد التزامات الديون المستحقة قريباً، إلى أيار (مايو) عام 2010 ، فقد تضطر حكومة دبي للبدء في عمليات بيع بأسعار منخفضة للغاية، لأصولها العقارية في الخارج.